السرقة الأدبيّة في أستراليا

  
كما نشر في العراقية
قصائد ومقالات كثيرة، نقرأها في الصحف والمجلاّت، ونسمعها في المناسبات، مسروقة من كتاب ما، ومسجلّة بأسماء لصوصها. والمؤسف أن الجالية تطبّل وتزمّر لسارقي مؤلّفات الآخرين، دون أن تتعب نفسها في التفتيش عن أصحابها الحقيقيين. وهذا ليس إساءة للجالية بل لسارقي عبقريات الغير وتطويبها بأسمائهم الفاشلة.
   وأذكر حادثة طريفة حدثت معي، عندما زرت مطبعة راليا برس، لصاحبها جوزاف بو ملحم، وكان يطبع ديواناً (لشاعر) مهجري، فبدأت أتصفحه بشكل سريع، ولكن عينيّ تسمرتا على قصيدة كانت تغنيّها لي المرحومة والدتي أيّام طفولتي.. أي قبل أن يرى، (شاعرنا) هذا، نور الشمس.
   فصحت بأعلى صوتي:
ـ هذه القصيدة مسروقة يا جوزاف!
   فأجابني والإبتسامة على شفتيه:
ـ أنا قلت، في نفسي، إنني قرأت هذه القصيدة من قبل!
ـ إنّها للشاعر السبعلاني يوسف روحانا.
ـ العمى.. هذا شيء لا يصدّقه عقل!
   وعندما زار الشاعر يوسف روحانا سيدني، قرأت القصيدة في ديوانه الروحانيّات الصادر عام 1994، فهمست في أذنه مازحاً:
ـ ما بك يا يوسف، لقد (لطشت) إحدى قصائدنا المهجريّة، ونشرتها في ديوانك؟
ـ معاذ اللـه، سمِّ لي القصيدة الملطوشة!
ـ قصيدة (جوعان إبني).. إنّها (لفلان الفلاني)، وقد نشرها في ديوانه الأخير..
ـ إنّك تمزح معي.. أليس كذلك؟
ـ لا.. تفضّل هذا هو الديوان.
   وراح يقرأ بجشع ظاهر، إلى أن وصل إلى المقطع الأخير الذي يقول:
هَيْك الأمومه وهيك حالِة كلّ أمّ   
انْجَاع إِبْنَا بْتشتِري رغِيفُو بدَمّ
والعَقْرَبِه الْبِتْكُون عَمْ بِتْبِقّ سَمّ  
شِي تصير أم.. بْتعْصُر لإبنا العسل         
وبِتْرَجِّع السمّات ع دمّاتْها
   فتمتم والحسرة بادية على محيّاه:
ـ يقصف رقبته.. عملها معي.
   ومن كثرة غضبه إتصل حالاً بأخينا (الشاعر)، الذي أقسم مليون مرّة، أن القصيدة دخلت ديوانه دون علمه،هكذا واللـه!
    بقي أن أذكر أن الزميل شوقي مسلماني صالحني، منذ سنوات، مع أحد الذين سرقوا قصائدي ونشروها باسمهم.. فأتى به إلى منزلي عند منتصف الليل، ليبدي أسفه أمامي. والمضحك في القصّة، أن والدتي، رحمها اللـه، طلبت منّي عدم فتح الباب، لأن الحالة الأمنيّة  في لبنان كانت متوترة، ومن يدري فقد أتعرّض للإغتيال!! فصحت وأنا أمترس خلف الحائط:
ـ من هناك؟
ـ شوقي..
ـ شوقي مَنْ؟
ـ شوقي مسلماني.
   فضحكت، وضحكت والدتي، التي كانت تحمل بيدها عصاة المكنسة، واستقبلنا شوقي وصحبه أجمل استقبال، وأرجلنا ما زالت ترتجف من الفزع.
   ومن القصص المضحكة أيضاً.. انني دخلت إحدى القاعات في سيدني لحضور مهرجان فني، فإذا بي أسمع التصفيق والصياح والتهليل لقصيدة كان يلقيها عريف الحفل، دون أن يذكر اسم مؤلفها، وكم كانت دهشته عظيمة عندما رآني أقترب منه وهو نازل عن خشبة المسرح، وأهمس في أذنه: أهنئك.. القصيدة رائعة. فأحنى رأسه "رحمه الله.. كونه غادر عالمنا منذ سنوات" وقال: لم أعرف أنك هنا.. كنت والله ذكرت أنك صاحب القصيدة.. فتفضلوا.
   وبما أنني أتكلّم عن السرقة الأدبية أحب أن أخبركم أنني طردت من موقع "الغربة" الالكتروني العديد من المستكتبين الطفيليين بعدما اكتشفت بنفسي سرقاتهم الأدبية لكتّاب شرفاء، وحذفت جميع ما وسخّوا به "غربتي"، لا بل شهّرت بهم، ونبّهت في زاوية "شروط النشر في الغربة" كل من تسوّل له نفسه السرقة أن لا يقترب من "الغربة" لأن اكتشافه عندي سهل للغاية.
   الشهرة الأدبيّة لا تأتي عن طريق السرقة، فالأشرف لكم أن تنشروا صوركم في باب التعارف، من أن تنشروها تحت مقال أو قصيدة أو نكتة ليست من إبداعكم. فالتاريخ يعرف كيف يغربل الناس، هذا إذا لـم يغربلهم القانون ويخرب بيوتهم، كون السرقات الأدبيّة ممنوعة في كافة دول العالـم. فاتّعظوا.
شربل بعيني
سيدني ـ استراليا
**
الرجاء قراءة التعليقات

هناك 8 تعليقات:

  1. خليل طرطق4:50 م

    Ya Habibi Ya Charbel,
    It is very interesting,there are many people call themselves poets yet they copy some great poets like my cousin Youseef Rouhana & Assaad Sebaali.God bless I like &respect people like you.
    Khalil Tartak.

    ردحذف
  2. مذيع سابق ـ سيدني4:59 م

    في إحدى الامسيات التكريمية وقف شاعر مهجري "هو أستاذ مدرسة الآن" وألقى قصيدة عرمرمية صفق لها الجمهور بشكل ملفت للنظر.. وحدي أنا لم أصفّق له لأنني كنت أقول البيت الشعري قبل أن ينطق به، كوني أحفظ القصيدة التي سرقها عن ظهر قلب.. المضحك في الأمر أنني كنت أحترم هذا الانسان كثيراً، فدمّر احترامي له بأبيات مسروقة، وبدلاً من أن أنظر اليه كمعلم صرت أتطلع به كسارق. هذه قصة حقيقية والله.. واسمحوا لي أن لا أذكر اسمه أو اسمي كي لا أحرجه في عمله

    ردحذف
  3. عصام ملكي5:20 م

    واحد بسيدني كان سارق ميجانا
    منشان تا يغنّي بليلية.. هنا
    لمّا لقطتو وقلت عنّك بالغنى
    مين اللي قلّك منحسب خرج الغنا
    قللي بسيدني بحيث عم يمشي الحلال
    ممنوع إنّي أوقف بدربو أنا

    ردحذف
  4. ايلي عاقوري9:38 م

    عزيزي شربل
    أهذا هو المسروق فقط بين ابناء الجالية؟؟؟؟؟؟؟

    ردحذف
  5. CONSTANTINE SABA11:08 م

    HELLO CHARBEL

    Your critique on plagiarism in writing, is the essence of honourable humanism,
    you have been an ardent poet who chose his words from the mountain ( SALIKH) of
    our arabic culture . Keep on and keep well.
    CONSTANTINE SABA
    BLUE MOUNTAIN
    SALIKH IS THE UNTOILED SLOPES OF A MOUNTAIN

    ردحذف
  6. د. عدنان الظاهر ـ ألمانيا12:15 ص

    سلامٌ على العزيز شربل /
    وهل السرقات الأدبية حِكرٌ على أستراليا ؟
    هل أتاك حديث (أو قلْ فضيحة ) الشاعرة التي أضجرها عبء الشعر فجرّبت النقد ... كتبت فسرقت مني نقداً لقصيدة شاعر شاب من شعراء مدينة الحلة / مركز محافظة بابل كنتُ قبل ذلك بقليل قد نشرته في العديد من المواقع بما فيها موقع الغربة بعنوان " ثلاثة شعراء من شباب الحلة " ... وحين فتحت الموضوع معها في حقل التعليقات انكرت أنها سرقت بل وكابرت وراوغت وكذبت إذْ ادّعت أنها وجدت القصيدة على النت وإنها لاتقرأ لي ... وحين طلبت منها رابط النت الذي وجدت فيه مقالي النقدي هربت ولم تستجب ! أنا كنتُ ولم أزل أول وآخر من كتب ونقد قصيدة لهذا الشاعر الحلاّوي الشاب فأين وجدت ما كُتب عنه ومن يا ترى غيري كتب عنه ؟ مستعد أنْ أزوّدك بردودي عليها لتعرف كم كانت هذه [ السيّدة ] صَلِفة وعديمة الحياء وجلدها جلد خرتيت او فيل !
    سأكتب لك اسمها الكامل في رسالة خاصة لتضعها في القائمة السوداء سوية مع ما كتبت هي وما نشرتُ أنا .
    عدنان الظاهر

    ردحذف
  7. جوزاف بو ملحم9:01 ص

    اما أنا
    فوالله والله
    والف والله
    لن أخبّر

    ردحذف
  8. شوقي مسلماني10:14 ص

    أضحكتني أيّها الصديق الغالي شربل من كل قلبي وخصوصاً عندما تذكر أنّك تمترست وراء الباب

    عموماً موضوع السرقات الأدبيّة الذي خطّه يراعك في محلّه وفي زمانه

    لك تحيتي دائماً

    ـ شوقي

    ردحذف