ما من حقلٍ دخلته الدكتور بهية أبو حمد إلا وأبدعت فيه.
وها هي الآن تهدي الشاعر العراقي الكبير يحيى السماوي كتاباً شعرياً، وأعني ما أقول، بعنوان: يحيى السماوي ترنيمة الكلمة ورحيق الشعر.
مقدمة الكتاب الأطروحة (60 صفحة) أبدعها فكر وقلم الدكتور مصطفى الحلوة.
قلت كتاباً شعرياً، تماماً كما قال الدكتور الحلوة في المقدمة: وإذا بنا بإزاء نصين: النص السماوي، وهو النص المتن، والنص الرديف (الأبو حمدي)، وكلاهما، وجهان شعريان وضاءان لمرآة واحدة.
وإليكم الأمثلة (الأبو حمدية):
أشعر برهبة السكون
تخيّم على المكان
لتذبل
"وردة الشعر"
ألماً وحزناً.
هذا ليس نثراً على الاطلاق. وإليكم أيضاً:
الغلاف داكن وحزين
يتشح بالسواد
وكأنه يعكس حالة عاشقين
اعتليا عرشه.
تصف بهية غلاف كتاب السماوي وكأنها تذرف الدموع فوقه، لا بل بزّت الصورة التي على الغلاف رسماً وتشبيهاً.
بربكم انظروا كيف تصوّر دكتورتنا ابو حمد العشق، الذي اندثر اليوم تحت أرجل الماديات، بعد أن رمته القلوب الضائعة المائعة في سلة مهملاتها:
ما أسمى العشق
حين يداعب حنايا الروح
ونغمات القلب
حين يمطر وجداً
ويقطر هياماً.
ومن أين لنا بهذا العشق يا أديبتنا بهية؟
أعتقد، لا بل أجزم، أن دكتورتنا تعيش في عالم غير عالمنا هذا: عالم روميو وجولييت، وقيس وليلى وغيرهم من العاشقين الذين ابتلوا بالموت، فلنقرأ:
معاً سرنا على دروب العشق
نختال دلعاً بين حفيف أوراق
تلامس قدمينا.
في أي بستان خرافي تعيش بهية، حتى تلامس أوراق الأشجار الخريفية المتساقطة.. قدميها.
إنها تعيش مثلي ومثلكم في سيدني، ولكن خيالها الكتابي الجامح ينقلها إلى أمكنة ليس بمقدورها أن تصل إليها إلا من خلال الشعر.
سأكتفي بهذا القدر من الأمثلة الشعرية، بانتظار توقيع الكتاب، لننعم جميعاً بمولود أدبي نسائي جديد، نحن بأشد الحاجة إليه.
والله، يا أخي يحيى السماوي، أغبطك على كتاب الدكتورة بهية أبو حمد المهدى إليك، فلقد تخطت كتابها (شربل بعيني منارة الحرف) بأشواط، وكأنها تقول: الآتي أجمل.
أما الصورة التاريخية المنشورة مع المقال فتمثل لحظة تقبيلي لجبين الشاعر يحيى السماوي في منزلي، ويظهر الدكتور علي بزي.