فافي.. ديوان جديد لشربل بعيني

جريدة العراقية
صدر حديثاً في سيدني أستراليا ديوان جديد للشاعر المهجري شربل بعيني بعنوان "فافي". و"فافي" هو الاسم العائلي للشاعرة والمناضلة المصرية فاطمة ناعوت، الذي يناديها به أهلها وأصدقاؤها. والديوان مؤلف من 156 صفحة من الحجم الوسط، زينته قصائد عديدة مستوحاة من زيارة الناعوت لأستراليا، ومن رسائلها الكثيرة لشاعرنا البعيني. ولكي نطلع قراء "العراقية" على الديوان الذي سنقوم بنشر معظم قصائده، لم نجد أفضل من المقدمة التي كتبها الزميل جوزاف بو ملحم، والتي وصفتها الشاعرة الكبيرة فاطمة ناعوت بأنها "رهيفة كنصل حاد"، فلنقرأ ما كتب ابن بلدة عيمار البار:

   كأنّه حبّ من العالم العلوي قد هبط إلى هذه الأرض.
   الحبيبةُ كليةُ الاستحوذاية من غير أنانية متبعة، أو مخططة، أو مدروسة، أو حتى موجودة:
ناجى المعبودَ..
فأوحى له اسماً..
من وهجه يبتسمُ
هي "فافي" وجهٌ مصريٌّ
هيَ شمسٌ صاغتها الحِكمُ
   حبّ عاش بين الكلمات، ونما على التويتر، وترعرع على الفايس بوك، فشهد له الإيمايل:
رسائُلها
فرحةٌ التقيتها وجهاً لوجه.
أملٌ
عائد بعد معاناة،
لذةٌ
لا يشعر بها إلآّ المتيمون.
   حب أرفعُ من السقوط في الماديات، لا يلعب الجسدُ فيه دوراً. إنه منعتق من كل القيود، متفلّت من كل الضوابط:
أتمنى الجنونَ
كـ ميّ زيادة..
والموتَ وحيداً
كـ جبران خليل جبران..
شرط أن ألتقي "فافي"
مرّة ثانية.. ولو بالحلم.
   هنا روحانيةٌ سماوية خارج إطار كلمات أهل الأرض، عليك إجهادُ نفسك لتقنع عقلك بأن هذا الجنون المتبادل هو بحق أرقى وألذ أنواع الجنون:
أنطونيو أعلنَ انكساره.
سلّمني دفاترَ غرامه.
هناك خربشاتٌ لم أفهمها
يفوحُ منها صوتُ عبد الوهّاب
رميتُ دفاتره في التاريخ
ورفعتُ راية كُتبَ عليها:
"مجنون فافي".
   أقسمَ بالله أنه يحبّها أختاً نادرة، وأقسم بالله أنها مغرمة به أخاً مميزاً:
رنّمي يا بلابلَ لبنان:
مباركٌ الآتي باسم الربّ.
إصدحي يا حساسينَ أستراليا:
طلعَ الفجرُ علينا.
وافرحي يا أهرامات مصر..
لقد وجدتُ أختي.. "فافي".
   بأمّ عيني رأيته يقبّل يدها بشدّة، فتذكّرت جبران وفيروز في قصيدة المحبة التي "لا تعرف عمقها إلا ساعة الفراق":
أما أنا.. فلقد التقيتُ "فافي"
أسبوعاً كاملاً..
وجهاً لوجه..
ابتسامة بابتسامة..
قصيدة بقصيدة..
وعندما رفعتْ يدها مودعةً
قبّلتُ تلك اليد.
   ولكن، هل افترقا حقاً؟:
اليوم، أهدتني "فافي"
سطرين من الشعر،
أفنيتُ عمري لأحظى بمثلهما:
ـ "أنت غيمةٌ تُمطر شعراً
وأنا جِنيّة صغيرة تطير بين الشجر".
اليوم، أصبحتُ شاعراَ.
   في السيّارة كان كلامه لي بالسرّ عنها.. وعلى موقعه "الغربة" كان كلامه علناً عنها..
   التغطيات المصورة هي نجمتها.
   مقالاتها، مقابلاتها، قصائدها، أخبار تحركاتها، إيمايلاتها، ملأت صفحات غربته الموقع، وانتشلته من جحيم غربة الحياة:
رحلتها القصيرة في أجوائي
عطّرت أجوائي.
كانت أطهرَ من قديسة..
وأشرفَ من زوجة.
كانت سيدةَ المكانِ والزمان..
لا يغبّر نعليها انفتاحٌ.
ولهذا أحببتها.
   علوياً هو يحبّها كثيراً، ويدعو الناس الى محبّتها:
يا رجالَ العالم، يا شعراءَه الأفذاذ..
أحبّوا "فافي"
غازِلوها.. ارسلوا لها الورودَ..
دبّجوا لها قصائدَ الغرام..
ولا تخافوا لومةَ لائم..
إنها أختي..
وأنا أبصمُ لكم على بياض..
    أما أرضياً فهو يغار عليها وعلى سمعتها.
   يغار عليها حتى من حاله، فكان دائماً يأمرني مستجدياً أن أكون بصحبتهما!
   وها هي "فافي" تشهد على ذلك:
طبعًا تذكرتُ..
الشقيقاتُ الثلاث
والتليفريك
ودوشةُ المُعجبين
وصندوقُ اللعب
وأنتَ
وجوزاف
وأنا
وحقيبتي الضائعة
وشالُ الحرير....
   ويغارُ عليها من أصدقائه الكثيرين خوفاً من أن ينظر أحدُهم إليها نظرة أهل أرض.
   ولا غروَ.. فهي الجميلة بكل تقاسيمها، الجذابة المقنعة في كل ما تكتب:
زحمةٌ قاتلةٌ يسببها المعجبونَ في حلقي،
أفتّش عن كلمةٍ أستدرجُها بها،
فإذا بهم يسبقونني إليها،
يجاهرون بها دون خوف.
حبُّهم لها مَلِكٌ تاجُه هرمٌ.
حبّي لها عبدٌ قيدُه قبرٌ.
هم الأقوى.. وأنا الأضعف.
فارثوا لحالي.
   فتراه يتتبّع أخبارها بالدقائق واللحظات، ويسألُ ويستنبش عنها بالتفاصيل والدقائق:
.. وبعد مراجعةِ صفحتها على "الفايس بوك"
وجدتُ أن عددَ المجانين بها،
أكثر من دقّاتِ قلبي.
توقف قلبي عن النبضان
تضامناً معي.
   أيها القراء والمتصفحّون، أنا هنا ما أردت أن أكتب مقدمة ديوان من شعر، أو كتاب مراسلة بين شاعرين، فغيري، من بين أصدقائهما، كثيرون أجدرُ وأكثر كفاءة وأرفع قامة.
   حسبي فقط أني شاهدٌ بأمِّ العين على حبّ لا نظير له على هذه الأرض.

هناك 4 تعليقات:

  1. مفيدة العبدالله ـ الأرجنتين5:59 م

    صدقت شاعرتنا الكبيرة فاطمة ناعوت عندما وصفت مقدمة الاستاذ جوزاف بو ملحم بـ "رهيفة كنصل حاد"، لأنها هكذا.. ولو كانت أطول لخسرت الكثير من رهافتها، كونها ترتكز على أسلوب سرابي سريع، ما أن تحاول أن تلتقطه حتى يفلت من بين يديك. مبروك ديوانك الجديد يا استاذ شربل، والسيدة فاطمة تستأهل أكثر من القصائد انها تسحر القلوب بنضالها الانساني الرائد الذي يخولها لأن تكون القدوة والنبراس لكل أبناء جيلها.

    ردحذف
  2. أيناس يوسف ـ أثينا ـ اليونان11:04 ص

    بوجود مقدمة كهذه، لا داعي لقراءة الديوان، فلقد سلّط الاستاذ جوزاف بو ملحم الاضواء على الكتاب بسرعة فائقة، وجعلنا نعشق فافي "فاطمة ناعوت" دون أن نراها، وأجبرنا على احترام تغزّل صديقه شربل بعيني بشاعرة يتغزّل بها الآلاف كل دقيقة.
    كيف الحصول على الديوان.. وهل ترسلوه الى دول أخرى كاليونان مثلاً. أنا على استعداد لدفع ثمنه مع كلفة الشحن. وشكراً سلفاً

    ردحذف
  3. عزيزتي أيناس
    الديوان غير مخصص للبيع.. وسنقوم بنشره تباعاً في مجلة الغربة.. كما سنعمل على تحويله الى كتاب إلكتروني بإمكان أي كان وفي أي مكان أن يطالعه.. ومع ذلك أنا على استعداد لارسال نسخة منه لك مجاناً. يكفيني هذا التعليق الجميل.. بانتظار عنوان، والسلام
    شربل بعيني

    ردحذف
  4. محمود شباط4:27 ص

    مبروك وليدك الجديد أخي شربل. لقداطلعت على قزعات من غيمك الجميل الذي نشرته "العراقية" ، ونحن بانتظار نشر الديوان في كتاب إلكتروني كي نعب من غدران شعرك السلسبيل العذب. مع محبتي وتمنياتي لك بالتوفيق.

    ردحذف