إلى الرئيس

شربل بعيني
ـ1ـ
تَوَقَّفَتِ الْكَلِمَةُ، فَلْنَرْجِعْ إِلى الْوَراءِ.
لا تَخافُوا، فَلَوْلا الظُّلْمَةُ ما طَلَعَ بَصِيصٌ،
وَالأَيْدي الْمُتَشَابِكَةُ..
ما تَشَابَكَتْ لَوْلا خَنَاصِرُها وَبَناصِرُها.
لَيْسَ لأَحَدٍ فَضْلٌ ذَاتِيٌّ، بَل الْفَضْلُ لِلْجَميعِ،
وَمِنْ هُنا يَجِبُ أَنْ نَبْدَأَ،
وَحَذَارِ، حَذَارِ مِنَ الْغُرورِ
فَفَخْفَخَتُهُ مَذَلَّةٌ، وَتَعاليهِ احْتِقارٌ.
ـ2ـ
أَنْتَ لَنا وَلَهُمْ، أَنْتَ لِلُبْنان.
وَعارٌ عَلَيْنا أَنْ نَرْتَضِيكَ فِي اتِّجاهٍ وَاحِدٍ،
كَأَنَّكَ حَجَرُ رُحىً تَهْرُسُ الْقَمْحَ وَالزُّؤانَ مَعاً،
وَتَدُورُ كُلَّما تَدَفَّقَتِ الْمِياهُ،
وَتَتَوَقَّفُ إِثْرَ جَفَافٍ وَقَحْطٍ.
ـ3ـ
الْمِيزانُ هُوَ أَنْتَ..
كَفَّتاكَ العَدَالَةُ وَالْمُسَاواةُ.
ما أَجْمَلَ الْعَدْلَ،
خُصُوصاً بَعْدَ جُورٍ وَاسْتِبْدادٍ.
ما أَرْوَعَ الْمُساواةَ،
خُصُوصاً بَعْدَ تَمْيِيزٍ وَتَفْرِقَةٍ.
كُنْ حَريصاً عَلَيْهما،
لأَنَّ لا وُجُودَ لَكَ بِدُونِهِما.
كُرْهاً يَتَحَوَّلُ حُبُّنا، إِذَا لَمْ تَعْدُلْ.
وَاشْمِئْزازاً يَنْقَلِبُ اغْتِباطُنا،
إِذَا لَمْ تُسَاوِ بَيْنَ عَيْنٍ وَعَيْنٍ.
ـ4ـ
لأَنَّ اللَّيْلَ يَبْتَلِعُ النَّهارَ..
لا تَدَعِ اللَّيْلَ يَقْتَرِبُ مِنْ نَهارِنا.
دَعْنا نَرَى النُّورَ، فَالظُّلْمَةُ سَكَنَتْ أَحْداقَنا،
وَأَبَتْ أَنْ تَتَخَلَّى عَنْ مَوْطِىءٍ لِلْفَرَجِ.
ما هَذَا الإِنْغَلاقُ الْكُلِّيُّ؟
ضِعْنا وَاللَّهِ، وَأَعْطَيْنا الإِدْراكَ لِغَيْرِنا،
وَبَقِيْنا بِدُونِ إِدْراكٍ!
ـ5ـ
مُدَّ يَدَكَ وَخُذْ بِيَدِنا..
فَالْغَرَقُ مُمِيتٌ أَيُّها الْقُبْطانُُ،
وَسَفِينَتُكَ تَعُومُ بِقَرَفٍ!
فَجَذِّفْ، جَذِّفْ، فَالْيَابِسَةُ تَتَطَلَّعُ نَحْوَنا،
وَنَحْنُ غَافِلُونَ.
ما أَحْلَى لَمْسَ التُّرَابِ وَتَقْبِيلَهُ،
فَهُوَ الْحَياةُ إِنْ دَبَّتْ فِي عُرُوقِنا حَيَاةٌ،
وَهُوَ الْبَقاءُ إِنْ أَرَدْنا لِوُجُودِنا بَقاءً.
ـ6ـ
لا تُعانِدْ..
لا تُزَاعِلْ أَحَداً..
وَلا تَتَخَلَّ عَنْ حَقٍّ.
كُنْ سَيْفاً ذَا حَدَّيْنِ، وَلا تَكُنْ مِجَنّاً،
فَالْمِجَنُّ يَتَلَقَّى الضَّرباتِ وَالسَّيْفُ يُسَدِّدُها.
كُنِ انْطِلاقاً، وَلا تَكُنْ رُجُوعاً..
فَعِنْدَ الإِنْطِلاقِ تَحْظَى بِسُرْعَةٍ فَائِقَةٍ،
وَعِنْدَ الرُّجُوعِ تَجُرُّ أَذْيالَكَ جَرّاً،
وَأَنَّى لَكَ الْوُقُوفَ عَلى قَدَمَيْكَ.
ـ7ـ
هَنِيئاً لَنا بِكَ،
وَهَنيئاً لِلُبْنان..
يا مَنْ أَتَى كَالْبَرْقِ الْحالِمِ بِالنُّعُومَةِ.
يا مَن امْتَطَى صَهْوَةَ جَوادٍ أَغْبَرَ
وَطارَ بِهِ فَوْقَ السَّحابِ،
عَلَّهُ يَقْدِرُ عَلَى حَصْرِ أَبْنائِهِ،
جَمِيعِ أَبْنائِهِ،
ضِمْنَ دَائِرَتَيْ عَيْنَيْهِ الصَّغِيرتَيْنِ.
فَلا تُخَيِّبِ الآمالَ،
وَلا تَقْذِفْ بِمَنْ أَوْلاكَ ثِقَتَهُ إِلى الْقَعْرِ،
وَلا تَخَفْ مِنَ النَّصْرِ،
فَنَصْرُنا كانَ غَالِياً جِدّاً،
إِلَى دَرْجَةٍ تَتَوَقَّفُ عِنْدَها التَّضْحِيَةُ،
وَتَبْتَدِىءُ الصَّيْرُورَةُ!.

هناك 3 تعليقات:

  1. غير معرف9:54 ص

    من حيث المضمون كلام ذهب.... ولكن لدي سؤال للاستاذ شربل من الناحية الادبية: لماذا هذا الشيء أعلاه مكتوب بهذه الطريقة؟ وهل المقصود أن ما سبق ممكن أن يعتبر قصيدة أو شعر ؟ ولماذا؟

    ردحذف
  2. غير معرف11:05 ص

    مجرد إخراج أعجبني.. وبإمكان القارىء أن يعتبره كما يشاء.. نثراً شعراً أو بين بين.. ما هم، طالما أن المضمون (كلام من ذهب) كما قلت..
    مع تقديري

    ردحذف
  3. غير معرف6:13 ص

    هَنِيئاً لَنا بِكَ،
    وَهَنيئاً لِلُبْنان
    وَلا تَخَفْ مِنَ النَّصْرِ،
    فَنَصْرُنا كانَ غَالِياً جِدّاً،
    إِلَى دَرْجَةٍ تَتَوَقَّفُ عِنْدَها التَّضْحِيَةُ،
    وَتَبْتَدِىءُ الصَّيْرُورَةُ.
    جميل و رائع كلام لا يخطه الا قلم الكبار بوطنيتهم و دمائهم الزكية.
    رب السماء يحميك يا طيب يا غالي.
    اعجبني جدا ما خطه قلمك الرائع لكن وطنيتك زادت من احترامي و تقديري لك..
    سيدي الاستاد الفاضل.
    دمت حرا ابيا صاحب قلم شامخ..
    الله يحميك لشبابك يا طيب يا غالي..
    عشت للبنان الحبيب..
    و بالمناسبة انا اكتب موضوعاً عن لبنان سابعثه لك سيدي الفاضل لانني كنت منشغلا بموضوع حول اعتداء رجل امن مغربي على سيدة ورضيعها سابعت لك الصور و المقال للاطلاع عليه .
    استادي الفاضل لا تعليق لي اللهم ابعث لك باقة ورد و قبلة على جبينك.
    تلميدك واخوك محمد كوحلال //
    المغرب

    ردحذف