فافي.. ريم الشعر والألق/ محمود شباط

أديب لبناني كبير يعيش في السعودية
ـ1ـ
قرأتُ ديوان الشاعر الأديب شربل بعيني الرائع
عن غزالةٍ 
مشرقيةٍ 
رائعة
إنسانة،
تغامر بصباها 
كي تذهب إلى "مستشفى الساحل
حيث يرقد ضحايا الإرهاب البشع
كي تهب دمها للجرحى،
ولكي يختلط الدم المسيحي
بدم المسلم في جسد واحد"
ـ2ـ
ولجت الديوان عبر قنطرة روضته الأمامية
حيث يفوح شذا الإنسانية الحقة، 
طهّرت قدميَّ قبل اجتياز العتبة 
إلى محراب روحانية شربل 
وشفافية عـفـته:
"حين التقيت "فافي"
أصبتُ بدهشة الأطفال،
فغرتُ فمي،
ورحتُ ألتهم وجهها بناظري،
ولسان حالي يردد :
مستحيل...
مستحيل.."
ـ3ـ
في تصويره لـ "فافي"،
ينساب قلم شربل سائغاً كعهدنا به،
هانئاً كـزغلول بريء
يتأرجح في مهد طفولته،
كمثل عصافير الغدير،
يهف بين الجميل والأجمل،
من برعم وردة إلى قبلة أخوية،
جريء بشهامة الرجال الرجال 
وهو "يرسم شكل أخته "فافي" ، 
إلى تمشيط شعرها، 
وتوريد خديها، 
وتكحيل عينيها". 
ـ4ـ
شعر شربل في ديوان "فافي" 
رائع مثل شربل، 
طاهر بطهر قلبه، 
عفيف بسمو عفته، 
وكبير 
كبير 
مثل شربل بعيني.
ـ5ـ
عبرتُ جنائن روض مضارب "فافي"،
لامستُ بشغاف روحي نسيج خيامها النقية البيضاء
كمنديل أمي،
تمشيت بشغف وبطيب خاطر
إلى آخر خيمة، 
إلى آخر نقطة على سطر النهاية، 
وقفتُ مشدوهاً هناك 
أردّدُ ما جاد به شعر معروف الرصافي:  
"ماذا أقول بروضة عن وصفها
 يعيا البيان ويعجز التعبير"  
أماليد تبتسم للأماليد 
والغيد للغيد. 
ـ6ـ
خشية الإسهاب والاستطالة
تأمرني بالإكتفاء بما شهدت به عن ديوان "فافي"،
ولكني ما اكتفيت، 
ولا أوفيت، 
سلم قلم الشاعر الأديب شربل بعيني، 
وكم أستعذب تشريفه لي 
بعبارة أثيرة إلى نفسي: "خيي محمود" .
ونعم الأخ أخي شربل، 
ونعم الصديق. 
الخبر ـ السعودية في 29/11/2013
**
فاطمة ناعوت في القنصلية المصرية ـ سيدني
فاطمة ناعوت تقول...
يقول الجاحظ: "النثرُ فضّاحُ الشعراء."
لأن النثر الجميل حسنَ الصوغ سليمَ العبارة البريء من الطنطنة والنقي من ترهّل الكلمات والمعافى من اللحن والزلل، لا يقلُّ عسرًا، ولا جمالا، عن الشعر الرفيع، بل قد يفوقه صعوبة،  وقد يعلوه حُسنًا. لهذا ينظر الناسُ إلى نثر الشاعر لكي يحكموا عليه بامتلاك زمام اللغة، أو، في المقابل، كان “افتضاحه” بين ربوع الكلمة وبواديها وصحاريها وقبائلها، وفرسان نواصيها، حسبما رسم لنا الجاحظ قاعة محكمته القاسية التي نصبها للشعراء.
تذكرتُ هذه العبارة الجاحظية وأنا أقرأ عبارة الأستاذ “محمود شباط” إذ يقول:
"كمثل عصفور الغدير
يهفُّ بين الجميلِ
والأجمل.”
فوجدتني ذلك العصفور الحائر الذي يطير في جنان الكلمة وبساتينها ليحطَّ تارةً، على الجميل، وتارةً أخرى على الأجمل. ما بين شعر شربل، ونثر شباط، وشعر شباط، ونظم شربل، لا أعرف أيهما الجميل، وأيهما الأجمل.
فتذكرتُ جدال بني إسرائيل مع كليم الله موسى النبيّ حين اختلط الجميلُ بالأجمل وتشابهت الأشياءُ عليهم، فأخبرهم أن ضالتهم صفراءُ فاقعٌ لونُها تسُرُّ الناظرين.
سُرَّ ناظري بكلمات الأستاذ محمود شباط
كما سُرّ ناظري بكلمات الأستاذ شربل بعيني
وسرُّ مَن رأى الكلمة الجميلة، أينما حطّت، وحيثما وكيفما كانت.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق