أعترف، أمام الله والناس، أنني كنت محظوظاً جداً خلال رحلتي مع الكلمة، فلقد غمرني الأدباء والشعراء بآلاف المقالات والقصائد التي تشيد بي وبأدبي، وهذا ما لم يحدث مع غيري بتاتاً، كما همس كبيرنا نزار قبّاني في أذني خلال إحدى مكالماتنا التلفونية بين سيدني ولندن قبل أن يتوفّاه الله، ويرحل عن عالم اشتاق طلته ورنة صوته ووهج أشعاره: أنت محظوظ يا شربل بمحبة الآخرين لك.
ومحبة الآخرين هذه، قد ترميك في كثير من الأوقات في دوّامة من الخوف تقضي عليك تماماً، إذ أن من واجبك رفع سقف عطائك كي لا تنحدر الى الأسفل، وتنحدر معك "محبة" جمعتها برموش عينيك، وحضتنتها داخل قلبك، فكيف تفرّط بها؟
الأسبوع الماضي، عاد الدكتور الشاعر جميل الدويهي من لبنان، وقبل أن يلتقي أياً كان، فاجأني بزيارة طريفة لمكتب "الغربة"، إذ اتفق مع الشاعر عصام ملكي على خطة محكمة تجعل من المفاجأة خبراً ساراً، وبما أن الوقت الذي زارني به كان ليلاً، أوقف سيارته خارجاً، ونزل منها عصام لوحده، فقلت له:
ـ من معك؟
ـ رجل غريب لا يريد أن ينزل من السيارة لأنه لا يعرفك..
ـ لا.. لا.. قل له أن ينزل.. عيب..
ـ اتركه وشأنه.. انه يستحي منك..
ـ مني أنا؟
وركضت نحو باب السيارة لأفتحه وأنزل الشخص الغريب بالقوة وأنا أصيح:
ـ غير مسموح لأي كان أن يصل الى بيت شربل بعيني دون أن يدخله.. تفضّل يا أخي.
فإذا بالباب يفتح ويخرج منه الدكتور جميل الدويهي.. فصحت كالمجنون:
ـ لقد عملتها معي يا عصام ملكي.. والله العظيم سأعيدها لك.
ولم تكن لتنطلي عليّ حيلة عصام لو لم أسأله قبل يوم واحد فقط عن صحة جميل وهل سيأتي الى أستراليا، فأجابني بخبث بالغ:
ـ سأكلمه بعد اسبوع.. وسأبلّغه سلامك..
هكذا والله.. فكيف لا تنطلي الحيلة على امثالي من أنقياء القلوب.
الغاية.. عندما دخل الدكتور جميل مكتبي فاجأني أكثر مما فاجأني عصام، إذ ألقى بيتين من الشعر جعلا الأرض تدور بي من شدّة الفرح، قال:
دويهي أنا ما بنكر المعروف
إخلاص كلّو شربل بعيني
حالي بشربل كل ساعه بشوف
وبيشوف حالو شربل "بعيني"..
فما كان مني إلا أن غمرته مجدداً، وصوت عصام ملكي يقول:
عا سيرة الشوفات يخزي العين
خبزتو مواقف قبل ما عجنتو
غلطان هل بيقول إنتو تنين
وحياتكم واحد فقط إنتو
هذا من جهة، ومن جهة أخرى، أقام عصام مأدبة عشاء على شرف "الجميل" وعائلته، فدعا إليها الشعراء والادباء وغيرهم، ولأنني لم أتمكن من مشاركتهم اللقمة الطيبة، والسهرة الأطيب، فتح هاتفه النقّال لينقل إلي ما يحدث، وليهديني هذه الأبيات التي أوحت إليّ بعنوان المقال:
شربل بعيني بكلّنا موصول
وما في حدا ما قال يا عيني
محبّة العالم حضرتو بيقول
أثمن ما يملك شربل بعيني
بعدها، كلمني الأديب عباس علي مراد، وأغدق علي من محبته الشيء الكثير، ثم تبعه الشاعر جورج منصور بهذه الردة المنصورية الرائعة:
شربل بعيني بكلّنا موصول
وما في حدا ما قال يا عيني
محبّة العالم حضرتو بيقول
أثمن ما يملك شربل بعيني
بعدها، كلمني الأديب عباس علي مراد، وأغدق علي من محبته الشيء الكثير، ثم تبعه الشاعر جورج منصور بهذه الردة المنصورية الرائعة:
يا شربل انت الزهره
العم منشمّ معانيها
قللي شو نفع السهره
وانت مش حاضر فيها
وكان "المنصور" قد أنعم عليّ بردة زجلية رائعة إثر نشري الحلقة الثانية من برنامج "عظيم من بلادي" الخاصة بابن بلدته "متريت" المرحوم رامز عبيد.. فقال:
يا شربل اللي الحب بيقلبك قَطَنْ
الشعّار ما كرّمت لو منَّك كريم
قاعد تفتّش ع عظيم من الوطن
وعند الحقيقه إنت شاعرنا العظيم
وكان "المنصور" قد أنعم عليّ بردة زجلية رائعة إثر نشري الحلقة الثانية من برنامج "عظيم من بلادي" الخاصة بابن بلدته "متريت" المرحوم رامز عبيد.. فقال:
يا شربل اللي الحب بيقلبك قَطَنْ
الشعّار ما كرّمت لو منَّك كريم
قاعد تفتّش ع عظيم من الوطن
وعند الحقيقه إنت شاعرنا العظيم
أما الشاعر الحبيب مارون طراد فقال:
بتدلق يا شربل شعر صافي منوحي
خالد على مرّ الزمن ما بينمحي
مع كل طلّه في إلك موقف عظيم
شاعر خيالي وإرتجالي ومسرحي
وما ان انتهى مارون حتى أطلت الدموع من عينيّ، وصوت كل من كان في السهرة يصيح:
ـ كاس شربل بعيني
ألا توافقون معي لو قلت: محبّة الآخرين هي أثمن ما أملك.. بلى والله.
شربل بعيني
سيدني ـ أستراليا
شربل بعيني
سيدني ـ أستراليا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق