سبق شعري لشربل بعيني/ أنطونيوس بو رزق

أديب لبناني مغترب

أَشعراً ما كتب شربل في مناجاته علياً أم فلسفة؟
أشعر فلسفي ما أبدعته ريشته أم فلسفة شعرية؟
عشرون مزموراً أم عشرون شلالاً تصب كلها في نهر دافق، في ديوان شعري واحد نعني به "مناجاة علي".
قديماً كان على من ينوي أن يخوض غمار الشعر أن يكون على إلمام بشيء من الفلسفة والتاريخ وسائر أصناف العلوم، فكان الشاعر يجهد نفسه جرياً وراء المعارف.. وللأسف، فالشعر اليوم بالنسبة لكثيرين يعتمد على الكم فقط دون أي اعتبار للنوع، وإذا استثنينا قلة من الشعراء، يمكننا القول، وبراحة ضمير، اننا فقراء بالشعراء وأغنياء بأدعياء الشعر.
إنها مغامرة شعرية لشاعر، ما زال في أربعينات سنيّه، تكشّفت أمامه مجالات الرؤيا فبلغ مرحلة متطورة من الوعي الشعري.
إنها مغامرة شعرية في شخصية رجل شكلت آراؤه في مختلف شؤون الحياة مفاهيم على شيء من الفلسفة، فكان على الشاعر أن "يفلسف" شعره، ويضمّنه شيئاً من النظريات الفلسفية بالنسبة للخالق والانسان والموجودات.
ويمكننا القول ان اللاهوتية الشعرية في "ألله ونقطة زيت" قبلاً و"مناجاة علي" اليوم، رفعت شربل إلى مصاف الشعراء الكبار، في هذا الجانب من الكتابة، حيث تخطّى المفهوم الشعري السائد لدى العديد من الشعراء في المواضيع والمضامين والافكار، في وقت أصاب العجز فئة كبيرة من "كتّاب الشعر" فأعياها عن الابداع والتجديد، وأسقطها في هوّة الاجترار والتقليد.
ولسنا هنا بصدد دراسة ديوان شاعر الغربة الطويلة "مناجاة علي" الذي اختصرت مزاميره العشرون مجلدات حول سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، كرّم الله وجهه، وتصرفاته وأعماله وأقواله، إذ من المتعذّر، بل المستحيل، الاحاطة بكل ذلك في صفحة أو صفحات نظراً لما ينطوي عليه من التألّث الشاعري مبنى ومعنى.
وعلى العموم، يبقى "مناجاة علي" سبقاً شعرياً، ويبقى الشاعر البعيني رائداً من روّاد الشعر المهجري، ونبقى نحن عطاشاً أبداً لمزيد من الابداعات.
**

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق