الاديبة المغربية بشرى شاكر تحاور شربل بعيني


الشاعر اللبناني شربل بعيني ـ استراليا
شربل بعيني، كاتب و شاعر وأديب لبناني وهو أيضا رجل إعلام وتربوي كبير، ولد سنة 1951 في بلدة مجدليا شمال لبنان، هاجر إلى استراليا سنة 1971، حصل على شهادتين جامعيتين في التعليم ألاثني وطريقة طرحه في مجتمع يتكلم لغة أخرى، يمارس مهنة التعليم في معهد "سيدة لبنان" بسيدني منذ سنة 1980، ويعتبر هذا المعهد من أكبر الإرساليات اللبنانية في الخارج، وأكبر المعاهد الأسترالية...

تبنّت وزارة التربية في ولاية "نيو ساوث ويلز" مؤلفاته المدرسية، وعملت على طبعها، وما زالت تدرس في معظم المدارس العربية والأسترالية.
ينشر مقالات أسبوعية في مجلة (ايلاف الالكترونية)، و موقع (قدموس) و مجلة (دروب) أيضا، وقد تناقلت مقالاته وأشعاره معظم المواقع والجرائد العربية في الوطن والمهجر.

كما ترجمت أعماله إلى الانجليزية والفرنسية والاسبانية والاوردية، وترجم الشاعر العراقي "نزار حنا الديراني" بعض قصائده إلى السريانية.

من مؤلفاته ، مراهقة، قصائد مبعثرة، مجانين، مشي معي، رباعيات، قصائد ريفية، من كل ذقن شعرة، الغربة الطويلة، كيف أينعت السنابل؟، معزوفة حب، أحباب، مناجاة علي، أنا وليلى ، أغنية حب لاستراليا، ظلال، غنوا يا أطفال، عالم أعمى، فنان، وريقات اعتراف، كبارنا، كتابات على حائط الغربة، أعراسنا، اقوى من الجنس، قصائد مسلية، لبنان بس، ابن مجدليا وغيرها من المؤلفات التي لا يمكن حصرها هنا...

غير انه أيضا وكتربوي ملم ومهتم بعالم الطفل والتربية، ألف عدة كتب مدرسية منها، القراءة السهلة، سامي وهدى، قاموسي الصغير، القراءة الشاملة، القراءة الحديثة، دفتريالسادس، دروب القراءة، نعم أنا أقرأ العربيّة، تعالوا نكتب، قراءتي الثانية، وكتابي الأول.

لديه أيضا عدة مسرحيات نذكر منها، خلصت اللعبة، فصول من الحرب اللبنانية، الو استراليا، الطربوش، ضيعة الأشباح، هنود من لبنان، يا عيب الشوم، الله بيدبر، طلوا المغتربين، عصابات وبس، والكنز المسحور...

لم يكتف الأستاذ "شربل بعيني" بالتأليف الأدبي والتربوي وإنما جعل فكره في خدمة الإعلام العربي رغم اغترابه عن وطنه، فأصدر جريدة "صوت الأرز"، مجلة "ليلى" الورقية ومجلة "ليلى" الالكترونية" ثم حديثا مجلة الغربة الالكترونية...

كتب عنه العديد من النقاد والمؤلفين وجُمعت مقالاتهم في كتاب "شربل بعيني بأقلامهم" للكاتب "كلارك بعيني" و صدر في ثمانية أجزاء، كما صدرت عنه كتب عديدة منها "مشوار مع شربل بعيني" لكامل المر "، وشربل بعيني ملامح يبحث عن الله" لمحمد زهير باشا، و"الوهج الإنساني في مناجاة شربل بعيني" لنجوى العاصي و"شربل بعيني في مناجاة علي" لاحمد حمود، و"شربل بعيني قصيدة غنتها القصائد" لمي طبّاع، و"أجمل ما قيل بأدب شربل بعيني" لرفيق غنوم، و"شربل بعيني الملك الأبيض" لكمال العيادي، و"كلمات سريعة عن شربل بعيني" للدكتور علي بزّي، أيضا لا يمكن حصر الكتابات التي تحدثت عن هذا المبدع والمفكر اللبناني.

حصل "شربل بعيني" على جوائز عديدة من بينها، جائزة الأرز الأدبية من قنصل لبنان في سيدني سنة 1985 وجائزة تقدير الكلمة سنة 1986 في مالبورن، جائزة جبران العالمية سنة 1987 من رابطة إحياء التراث العربي، درع جمعية راس مسقا الخيرية سنة 1988 في سيدني، جائزة كتابة الأغنية العربية من جمعية الفنون والتراث العربي سنة 1990 من كانبرا، درع مجدليا سنة 1992، درع مغتربي بلدة مجدليا سنة 1992 أيضا، جائزة الشاعر الأديب جورج جرداق، و كجائزة أيضا لوحة زيتية تمثل كتابه "مناجاة علي" من الجمعية العلوية بسيدني، درع المركب الفينيقي سنة 1993 من جمعية بنت جبيل الخيرية بسيدني، كما قُدمت له لوحة جلدية تمثله وهو يحمل ديوانه الأول "مراهقة" من الجالية اللبنانية بمناسبة يوبيليه الفضي، جائزة التقدير الأولى للأدب المهجري سنة 1994، جائزة أمير الشعراء اللبنانيين في عالم الانتشار سنة 2002 و جوائز عديدة كثيرة استحقها هذا المبدع من اجل كل الجهود التي قام بها لخدمة الجالية اللبنانية والعربية إبداعا و فكرا.

فضلا عن هذه الجوائز فقد حصل على تكريمات عديدة من بينها تكريم وزارة الثقافة العراقية سنة 1987، تكريم السفارة اللبنانية في كانبرا في نفس السنة، تكريم مغتربو بلدة مجدليا سنة 1991، تكريم الجمعية الإسلامية العلوية سنة 1992 وغيرها الكثير.

كما تم إنشاء جائزة تحمل اسم المبدع "شربل بعيني" سنة 1992 من قبل الدكتور عصام حداد و بدأت توزع في استراليا منذ سنة 1994 و مازالت إلى الآن.

تدرس كتبه و حياته الإبداعية المستمرة بجامعات استرالية من بينها ما نشرته جامعة ديكن الاسترالية عن لمحة لحياته و مؤلفاته في كتاب "bibliography of Australian Multiculturel Writers"

من بين ما حصل عليه كتكريم أيضا ذكره في معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين في طبعته الثانية بالكويت.

قيل عنه انه يمطر ويرعد في الغرب ليحمل ربيعا سابقا لأوانه من استراليا، وصفوه بمن أينعت السنابل في قلبه محبة وعرف بضميره الحي ولقبوه بالربيع الدائم فمن يكون شربل بعيني من خلال كلماته هو؟

أهلا بك أستاذ شربل بعيني واعذرنا إن لم نستطع أن نحصر كل أعمالك و نتمنى أن تعرف القارئ عنك بكلمات من وحيك أنت:

أهلاً بك أخت بشرى، وأهلاً بأهل المملكة المغربية الحبيبة، ويسعدني حقاً أن ألتقيكم من خلف البحار، لأبثكم شوقي إلى الديار.

أنا مغترب لبناني، قذفتني الرياح السياسية المتقلّبة في وطني لبنان إلى أبعد جزيرة في العالم، يقال إنها معلّقة بكعب الأرض.

نشرت في لبنان قبل الهجرة ديوانين شعريين: مراهقة وقصائد مبعثرة عن لبنان والثورة، لم تعجب قصائدهما أذناب الحكام، فحكموا علي بالرحيل، فما كان مني، وقد أصبحت مغترباً، إلا أن حاربت الغربة بالكلمة.

تحب إلقاء قصائدك بنفسك ويحس الكثيرون وأنت تلقيها بإحساس صادق يوصلها إلى القلب أكثر مما لو سمعناها من غيرك فهل يمكن للشاعر أن يصيغ القصيدة وهو يكتبها ويعيد صياغتها وفهمها وهو يلقيها؟

لتعرفي كم هو مهم الإلقاء الشعري سأنقل إليك ما قاله لي الشاعر الكبير "عبد الوهاب البياتي" في إحدى رسائله: "استمعت الى شريط الفيديو، وبخاصة الى قصيدتك الرائعة، بعد ان كنت قد قرأتها مرات عديدة، ولقد ازداد اعجابي بعد ان استطعت من خلال القائك الخلاب المثير المؤثر العميق الوصول الى الضفاف الشعرية الانسانية التي تكتنز بها القصيدة، والتي تنطوي على الم ثوري عاصف. انك شاعر حقيقي، وصوتك جزء لا يتجزأ من شاعريتك الفذة".

كما كتب لي الشاعر العملاق نزار قبّاني بعد مثّلته في استلام جائزة جبران العالمية: " أما أنت، فقد قرأت كلمتي احسن مني، وكنت بشبوبيتك وأناقتك ووسامتك نجم الحفلة".

هذا رأي شاعرين عظيمين أطلعتك عليه، لتدركي سبب إلقاء قصائدي بنفسي، لأنني بذلك أمكن المستمع من الوصول الى الضفاف الشعرية الانسانية التي تكتنز بها القصيدة، على حد تعبير البيّاتي.

وصدقيني أنني أعدت صياغة قصائد كثيرة وأنا ألقيها، فلقد كنت أحذف بيتاً وأضيف بيتاً، ليتفاعل معها المتلقي، إذ ان القصيدة المقروءة قد لا تصلح أبداً لاجتذابه، إلاّ إذا ثوّرناها بعض الشيء، مخافة أن يدب النعاس في عينيه.

العديد من النقاد يتقولون على أدب المهجر ويرون انه لا يمكن للمغترب أن يتحدث بلسان بلاده فكيف ترى ذلك وأنت المفكر الذي حمل هموم لبنان و هو يعيش بعيدا عنها؟

لا يحق لأحد أن يتكلّم عن الوطن أكثر من الأديب المغترب، فهو الذي عانى من ألم فراق الأرض والأهل، وهو الذي عاش مرحلتين مهمتين: الوطن والغربة، وهو الذي أدرك الفرق بين الحرية والاستعباد، بين الديمقراطية والديكتاتورية، بين الانسانية والهمجية، بين تعايش الاديان واستشراء الطائفية البغيضة، بين التزلّم والتحرر. وإذا راجعنا مؤلفات شعراء وأدباء المهاجر نجد أنهم ناجوا أوطانهم أفضل بكثير من أدباء الوطن، لأن توقهم لها أقوى من أولئك العائشين بأحضانها، وها أنا أنقل شوقي إلى وطني في هذه القصيدة لتدركي مدى الألم الذي أعانيه:

أناوىء حنيني وأنطوي ألماً..

تحوّل مفاجىء يسمرني بغربتي،

يشدّني إليها..

علني أداوي، بقطرات من حرّيتها،

هبوب الشرّ،

وتمايل الأهواء في وطني.

طأ، قلمي، صفحة عمري.

فِ حقّي عليك،

وارسم رجوعي ثورة تبني.

ما هو ثمن الغربة أستاذ شربل بعيني ولماذا رحيلك عن لبنان؟

حتى أجيبك على هذا السؤال أدعوك أولاً إلى التفكير العميق بأناس أحببتهم وافتقدتهم فجأة، ما هم كيف رحلوا، أو إلى أين رحلوا، المهم مقدار الألم الذي يكوي فؤادك كلما فكّرت بهم، أو افتقدتهم، هذا هو ثمن الغربة: بكاء وألم وتوق وحنين ودعاء.. وأرق. وقد يكون الأرق أصعبها، ولكنك ستعتادين عليه مع الوقت، وقد تصبحون أصدقاء.

سبب رحيلي عن لبنان ذكرته سابقاً، وقد يكون السبب الوحيد الذي أجبر مفكري الأوطان على حمل أقلامهم وأوراقهم والتفتيش عن متنفّس لهم في بقاع الأرض، إذ أن الكلمة الحرة الثائرة لا تتماشى وأطباع الحكام العرب، فإما الموت وإما الرحيل.. وها قد أصبحنا كلنا في بلاد الله الواسعة، لدرجة لم تعد ترحب بنا الدول لكثرة طالبي اللجوء.

الغربة يا أخت بشرى ملل موجع، والوطن فرح دائم، وإليك ما كتبت:

أبرىء سقمي..

خلّصني من خيوط الملل المتربص بي.

فرقادي يثيرني في غربتي،

يهدّ كياني،

يشوّه وجه أحلامي،

ويقطع أنفاسي بنشيج أشواقي.

ظللني بفرحك الدائم يا وطني.

إذا أحببنا أن تصف لنا الوطن في كلمات فما الذي يمكنك أن تقوله لنا؟

الوطن هو الحلم الوحيد الجميل الذي رأيته بأم عينيّ وضاع مني فجأة.

ما رأيك بما يجري في العالم العربي حاليا من مظاهرات ضد الأنظمة؟

أتمنى أن تكون هذه الثورات لخير الشعوب، وأن لا ترميها في المجهول، وإلا أصبنا بما أصيب به أبطال فيلم (Z) الشهير، يتغيّر حاكم فيأتينا بعده من يجعلنا نترحّم على السابق.

هناك عبارة كتبتها في كتاب (خواطر) تقول: الرئاسة في الغرب وظيفة، متى ضجر منها الرؤساء استقالوا، أما الرئاسة في الشرق فإرث، متى ضجر منها الرؤساء ماتوا.

وكتبت أيضاً: عجيب أمر رؤسائنا في الوطن العربي يريدون ان يحكمونا ولو بالقوة.

وأيضاً: الحاكم الذي يتمسك بكرسيه حد الجنون لا حسنات له.

أما العبارة التي أوجعتني وأنا أكتبها قبل هذه الثورات العربية بأعوام فتقول: نحن في دولنا العربية أموات تتنفّس.

وأعتقد أن هذا يكفي للإجابة على السؤال.

أحيانا تنظم الشعر بالعامية وأحيانا أخرى تترنم بقصائد فصيحة فأين تجد راحتك أكثر؟

أجد راحتي في القصيدة التي تأتيني من تلقاء ذاتها، فصيحة كانت أم عامية، لأن الصور الشعرية الجميلة تفرض نفسها على القارىء بغض النظر عن اللغة التي سكبت بها.

قد تكون القصيدة العامية أقرب إلى المتلقي من الفصحى، ولكن الوطن العربي لا يفهم، ومن المستحيل أن يفهم، معظم اللهجات المتداولة في الدول العربية، قد نفهم اللهجة المصرية، بسبب أم كلثوم، وقد نفهم اللهجة اللبنانية، بسبب فيروز، ولكن كيف سنتعامل مع لهجات القبائل المتفرقة، إلا من خلال لغتنا العربية الفصيحة.

تصوري أنني لم أفهم اللهجة العراقية عندما زرت العراق، فطلبت منهم أن يكلموني بالفصحى، وهكذا كان.

كيف تولدت الفكرة لدى الدكتور عصام حداد في لبنان لإنشاء جائزة شربل بعيني؟

لقد فاجأني أخي الدكتور عصام حداد حين، أعلن عن توزيع جائزة شربل بعيني في مهرجانات كبيرة كان يحييها كل عام في مدينة جبيل التاريخية، وعندما سألته عن السبب أجاب: نحن عندنا شربل بعيني واحد، وعلينا أن نكرّمه. وصدقيني أنني عاجز عن رد جميله، أطال الله بعمره.

ما هو شكل المرأة في أشعار شربل بعيني؟

المرأة عندي لا شكل لها، إنها إكسير القصيدة، ورائحتها الذكية التي لم تتمكن كل مصانع العطور من التفوّق عليها.
المرأة هي نبضة القلب التي لا يسمعها إلا من ينام على صدري، إنها الهمسة التي تجعل الأعين تمطر فرحاً، إنها المحبة التي لا مرادف لها، إنها أمي، وأختي.. وحبيبتي.. إنها، وباختصار شديد، أنا.. أجل أنا:

إني أريدك أن تكوني

وردةً، ضوءاً يرف على شبابيك العيونِ

أو نسيماً ينعش القلب العليل.

إني أريدك أن تكوني

رفّة عطر، وأحلاماً تداعبني على مر السنين

أو سلاماً ينشر الفجر

ويلغي المستحيل.

لا، لن تكوني

غير عرق من عروقي

كي نظل نقطة الوصل الوحيدة

بين ليل وشروقِ

نحن إن مرّت قرونٌ

كنا أسياد القرونِ.

الإعلام في حياة شربل بعيني هل هو تحصيل حاصل أم أيضا هواية قديمة؟

لا يمكن أن يكون الإعلام تحصيل حاصل، أو هواية، أو مصدر شهرة، إنه رسالة، وكثيراً ما أودعت هذه الرسالة أصحابها في القبور. يمكننا التلاعب بكل شيء ما عدا الإعلام، فهو السلطة التي أعطيت لنا، فإما أن نكون على قدر المسؤولية وإما أن ننزوي.

ما هي مشاريعك المستقبلية؟

أنكب حالياً على جمع معظم مقالاتي وقصائدي في كتب، مخافة أن تضيع في الغربة، خاصة وأن غربتي لا تقرأ العربية، ومعظم المحيطين بي يجهلونها أيضاً، فوجدت أن أتبع المثل القائل:

ما حكّ جلدك مثل ظفرك
فتولّى أنت جميع أمرك

ما هي كلمتك التي يمكن أن توجهها للقراء العرب الذين يتصفحون مجلة فرح؟

إفرحوا مع مجلة فرح، فاسمها جميل ومواضيعها أجمل، وتأكدوا من أن الفرحة التي تعيشونها اليوم قد لا تتكرر غداً. فألف شكر للمشرفين عليها، وألف شكر لك أنت أيتها الكاتبة المغربية الرائعة بشرى شاكر.

بورتريه وحوار من انجاز بشرى شاكر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق