عندما التقيت الشاعر أسعد المكاري في حفل تكريم، كي لا أقول تأبين، العملاقين اللبنانيين سعيد عقل وصباح، صحت بأعلى صوتي:
ـ أنت في سيدني يا أسعد، ولم تزرني بعد؟
فأجابني بهدوئه المشهور به:
ـ الاستاذ سركيس كرم هو المسؤول عن زياراتي، وستتم زيارة "الغربة" بأقرب وقت ممكن.
وبعد أيام زارني وهو يحمل كتابه الجديد "في عينيك يتمشى الليل"، فأعجبت بالعنوان وسألته:
ـ من اختار لك عنوان الكتاب هذه المرة يا أسعد؟
ـ في المرات السابقة هناك من ساعدني باختيار عناوين كتبي، أما الآن فالعنوان من اختياري أنا.
ـ عنوان جميل جداً.
وما أن بدأت بتصفح الكتاب، حتى قرأت:
ليلُ عينيك
يحمل مسائي..
وقمر اللهفة
يطلع
من ردائك
عارياً..
فأرتمي
في اللحظات
عاشقاً..
ورحت أفكر في "قمر اللهفة" الذي يطلع من الرداء عارياً، كي يسامر الشاعر، علّه يرتمي في اللحظات عاشقاً. تصوير رائع لحالة عشق، ما من أحد من مخلوقات الله إلا ومر بها، أو عانى منها.
ومن الأشياء التي لفتتني في الكتاب، تلك الومضات السريعة التي حلّق بها أسعد، أكثر مما حلّق في القصائد الطويلة، فهو يرميك في "غيبوبة الصمت" بعبارة واحدة فقط:
وأنا خارج من الصمت
دخل صوتي في غيبوبة!
وأيضاً هذه الومضة الخلابة، التي تجعل من حبيبته قمراً، يخشى أن يتطلع به، ويعجز عن حجبه بستارة:
تتعرين أمامي!
فكيف أضع ستارة على القمر؟
أما عن الشرنقة، التي سيخرج منها جسد حبيبته، بعد أن استحمت بعطر الياسمين، لتلبس نشوتها منه وتمضي، فيقول:
تستحمين بعطر الياسمين
ليخرج جسدك من شرنقته
ويلبس النشوة
ويمضي..
هذا كلام رائع يا أسعد، من أين جئت به؟، ليتك فرشته على كامل صفحات الكتاب. ليتك عرّيت الكتاب من قصائده الطويلة، وتركتنا نذوب بومضات كهذه:
عارية إلا من طوق الياسمين!
أو بعزف ناري كهذا:
اعزفي على ناري قليلاً
أستلذ أنفاسك بين ألسنة اللهب
وأعشق أوتار حروفك العابثة في أبجديتي!.
أما طيوره، فلا تعرف الأقفاص الحديدية أو الخشبية، فلقد حبسها تحت قميص حبيبته، وأوصاها بأن تزرّر القميص جيداً، فالغيرة ستدمره إن رأى طيورها أحد غيره:
زرّري قميصك جيداً
حتى لا تغادر الطيور
لغير أمكنتها..
كما أنه يسخّر الدين من أجل عينيها:
دحرجت قلبي كحجر قبر المسيح
فقامت أحاسيسي من موتها
ليعيش عشقي قيامته!
مرة واحدة رأيته يكذب كشاعر، عندما أعلن أنه تعب من النساء:
تعبت من النساء
اللواتي يأكلنَ من حروفي نشوتهنَّ
ولا يخدشنَ لهاثي..
أسعد المكاري، الشاعر السياسي، عرف كيف يغازل الصبايا، دون أن "يخدش لهاثهن"، لا بل جعلهن يتبعنه في جميع أمسياته، فاستحق عن جدارة لقب "شاعر الحلوين".
شربل بعيني
**
تعليق الشاعر أسعد المكاري على المقال:
للشاعر الإغترابي شربل بعيني أقول :
أنت وميض في عتمة غربتنا
تتشرنق آهاتك،
فيشتعل عطر الحروف
ليفرش نشوته في الأمكنة ...
شربل بعيني..
تحلقُ في سيدني أرزة شامخة
وجبينك يتعرّق بالكرامة ...
شكراً لك ....
**
تعليق الشاعر أسعد المكاري على المقال:
للشاعر الإغترابي شربل بعيني أقول :
أنت وميض في عتمة غربتنا
تتشرنق آهاتك،
فيشتعل عطر الحروف
ليفرش نشوته في الأمكنة ...
شربل بعيني..
تحلقُ في سيدني أرزة شامخة
وجبينك يتعرّق بالكرامة ...
شكراً لك ....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق