أنا لست عميداً للأدب المهجري/ شربل بعيني

منذ عدة أيام اتصل بي أخي وصديقي ورفيق غربتي الاستاذ جوزاف بو ملحم، ليطمئن على صحتي، وهل تغلبت على "الانفلونزا" أم لا؟ وكم كانت دهشتي عظيمة عندما غيّر مجرى الحديث وقال:
ـ أتعرف يا شربل.. لقد آن الأوان كي نعلنك عميداً للأدب المهجري.
فأجبته وأنا أضحك:
ـ وهل أنا طه حسين؟
فقال:
ـ ولكنك أكثر من ضحوا في سبيل أدبنا المهجري، وتشجيع أقلامه.
وجوزاف بو ملحم، لمن لا يعرفه، هو خريج الجامعة اللبنانية ـ كلية الاعلام، ومجاز بالصحافة ومراسلة الوكالات الاجنبية. والناشر لجريدة "صدى لبنان" التي حضنت الأدب المهجري وأعطته سنوات ذهبية، كما أنه صاحب كتاب "الثورة في شعر شربل بعيني"، وحائز على جائزة جبران العالمية.
أحببت أن أسجل هذه الحادثة، بعد أن تفضّل علي الأستاذ موسى مرعي بمقال رائع، جاء رداً على ما كتبه الاستاذ سركيس كرم حول "خواطري"، ومن غريب الصدف أنه كتب في نهايته: "لقد تجرأت ووهبته من نفسي لقب "عميدنا" دون ان استأذن احدا".
هنا لعب الفأر في عبّي، وقلت في سرّي:
ـ لا بدّ من أن يكون قد حصل اتصال بين جوزاف بو ملحم وموسى مرعي، وإلا كيف أعلنني موسى عميداً للأدب المهجري بعد يومين من مداعبة جوزاف لي.
لم أنم تلك الليلة، ورحت أترقب الصباح بعيون جامدة، كي اتصل بجوزاف وأسأله إن كان يعرف شخصاً اسمه موسى مرعي، ولكم كانت دهشتي عظيمة حين أنكر معرفته به، فصحت بأعلى صوتي:
ـ ولكنه أعلنني عميداً للأدب المهجري بعد يومين من إعلانك أنت، فكيف حصل هذا؟
ضحك وقال:
ـ إنها صدفة غريبة حقاً.. والآن بإمكانك أن تقول أنني السبّاق شفهياً، وموسى مرعي السبّاق كتابياً بإعلانك عميداً للأدب المهجري.
والأغرب من ذلك أن شخصاً ثالثاً دخل على خط "العمدة" هو الاستاذ سركيس كرم، فلقد كتب تعليقاً على مقال موسى يقول فيه: "شكرا استاذ موسى مرعي على كلمتك عن الاديب شربل بعيني، وأضم صوتي الى صوتك وصوت كل من يثمّن الأدب الراقي. اما بالنسبة الى اطلاقك لقب "عميدنا" على الاستاذ شربل فهي مبادرة في محلها.  هنيئا لنا بوجود حاملي راية الفكر في عالم الأنتشار والعاملين على إبراز صورتنا الحضارية وفي مقدمتهم شربل بعيني.. وهنيئاً لنا ب"غربة" حولها الى واحة من العطاء الثقافي المتجدد ومحطة لقاء لذوي الحيوية الانسانية البناءة والساعية دوماً الى الأفضل"..
وبدلاً من أن يرحم ضعفي، ويشد أزري، انضم الكاتب المصري أنطوني ولسن الى الشلة الثلاثية، فكتب يقول: "إلى عميد الأدب العربي في أستراليا الأستاذ شربل بعيني نقول : انه لشرف عظيم أن يختارك أدباء ومفكرون وأصحاب قلم وفكر متطور لتكون عميدا للأدب العربي في المهجر أستراليا. من رشحوك بالكلمة الشفهية أو بالكلمة المكتوبة، ما هم إلا عقلاء الأدب والفكر ولهم بصيرة أعمق من غيرهم، ورؤية أبعد منا جميعا. فقد رأوا ببصيرتهم ورؤيتهم أنه قد حان الوقت ليكون للأدب والأدباء عميد يثبت للعالم أن الأدب في المهجر أستراليا يفوق الأدب في بلادنا الأم . لأنه لم يتدنس بالمحسوبية أو بالتملق لرئيس أو حاكم. إنما نبع من فكر أدباء ومفكرين لهم قاماتهم ويعرفون حق المعرفة معنى أن يلقب أحدهم "شربل" بعميد الأدب. هنيئا لنا ولكل أديب أو مفكر بوجود من يمكننا أن نقول عنه عميد الأدب العربي".
ولكي يصبح عدد الأصدقاء مطابقاً لعدد أصابع اليد الواحدة، وصلتني من الشاعر العراقي الكبير يحيى السماوي هذه الكلمات الرائعة: "لو لم يجداك جديرا بذلك لما توافق رأياهما على اصطفائك عميدا ـ وها أنا أضم صوتي الى صوتيهما يا صديقي ليس لأنك شاعر كبير وذائد كبير عن الكرامة المتأصّلة في الإنسان فحسب، إنما ولأنك كنت أسبق منا جميعا في رفع راية المحبة العربية والأدب العربي في القارة الأسترالية ".
والظاهر أن أصابع اليد الواحدة لم تعد تكفي لإحصاء المحبين، فلقد وصلني من الشاعر والاعلامي الاستاذ سايد مخايل هذا التعليق المشجع:
"العزيز شربل
مهما عظمت الألقاب على أهميتها لا ترتقي الى روعة قصيدة واحدة من جرح قلبك أو الى مقالة واحدة من صدق قلمك.
ومهما عظمت القصيدة والمقالة لا قيمة لها من دون قلبك الأبيض الذي لا يضمر إلا المحبة للآخر .
لذلك انت العميد للأدب العربي المهجري والقصيدة الرائعة والمقالة الصادقة والاهم عميد للقلوب الصافية الناصعة البياض".
كلمات أصدقائي الستة جوزاف وموسى وسركيس وانطوني ويحيى وسايد المفعمة بالمحبة، بدلاً من أن تفرحني، بدأت تخيفني حقاً، فكيف لي أنا المصلوب في غربتي، الغارق في وحدتي، أن أكون عميداً للأدب المهجري، وهناك من سبقني الى خدمة هذا الأدب، فحين وصلت الى أستراليا عام 1971، حاملاً خيبتي من وطني، وجدت طريق الأدب المهجري معبداً، فمشيت عليه دون خوف، وكيف أخاف، وقد التقيت به بأجمل الوجوه الأدبية، التي غمرتني بحبها وتشجيعها، وسخرت أقلامها للكتابة عني. لذلك اسمحوا لي أن أعلن، وبكل شفافية: أنا لست عميداً للأدب المهجري، بل جندياً للدفاع عنه وحاملاً لرايته، إلى أن يحين يوم رحيلي.
**
الرجاء قراءة التعليقات

هناك 8 تعليقات:

  1. سركيس كرم1:16 م

    حتى في المعارك العسكرية يرتقي الجندي المقدام الى رتبة عميد عندما يخترق الخطوط الامامية وينقطع الى حد ما تواصله مع العميد قائد المجموعة، وانت قد أخترقت المواقع الأمامية في ساحة الأدب منذ زمن بعيد وحطمت معاقل الجهل والكراهية.. وعليه تكون صفة العميد في هذه الحال واقعاً وليست خياراً..

    ردحذف
  2. انطوني ولسن4:40 م

    إلى عميد الأدب العربي في أستراليا الأستاذ شربل بعيني نقول : انه لشرف عظيم أن يختارك أدباء ومفكرون وأصحاب قلم وفكر متطور لتكون عميدا للأدب العربي في المهجر أستراليا . من رشحوك بالكلمة الشفهية أو بالكلمة المكتوبة وغيرهم ما هم إلا عقلاء الأدب والفكر ولهم بصيرة أعمق من غيرهم ، ورؤيا أبعد منا جميعا . فقد رأوا ببصيرتهم ورؤيتهم أنه قد حان الوقت ليكون للأدب والأدباء عميد لهم ليثبت للعالم أن الأدب في المهجر أستراليا يفوق الأدب في بلادنا الأم . لأنه لم يتدنس بالمحسوبية أو التملق لرئيس أو حاكم . إنما نبع من فكر أدباء ومفكرين لهم قامتهم ويعرفون حق المعرفة معنى أن يلقب أحدهم " شربل " بعميد الأدب .هنيئا لنا ولكل أديب أو مفكر بوجود من يمكننا أن نقول عنه عميد الأدب العربي .

    ردحذف
  3. يا أحبائي.. يكفيني من رحلتي الطويلة مع الأدب المهجري لقب واحد ألا وهو: شاعر الغربة الطويلة.. فأدبنا المهجري ليس بحاجة الى عمدة بل الى محبة وتكاتف ونبذ الانانية. وألف شكر لكم.
    شربل

    ردحذف
  4. يحيى السماوي / أستراليا5:25 م

    لو لم يجداك جديرا بذلك لما توافق رأياهما على اصطفائك عميدا ـ وها أنا أضم صوتي الى صوتيهما يا صديقي ليس لأنك شاعر كبير وذائد كبير عن الكرامة المتأصّلة في الإنسان فحسب ، إنما ولأنك كنت أسبق منا جميعا في رفع راية المحبة العربية والأدب العربي في القارة الأسترالية .

    يحيى السماوي / أستراليا

    ردحذف
  5. مع التقدير لكل الأخوة والزملاء الأعزاء
    إن اسم شربل بعيني شاعر الغربية الطويلة برأيي أهم من كل الصفات الأخرى مع تقديري واحترامي لرأيكم لأن اسم شربل بعيني ومنذ سبعينات القرن الماضي كان ولازال براقا في ساحة الأدب والشعر المهجري ليس في أستراليا فحسب بل وفي ديار الوطن الأم وباقي بلدان الانتشار اللبناني لذلك أقترح أن نحافظ على لقبه الذي اشتهر به ألا وهو شاعر الغربة الطويلة لأنه أهم من أية صفة أخرى برأيي
    مع التقدير والاحترام لآرائكم
    وتكريم الأديب أو الشاعر ليس بالصفة التي يحملها بل في إبراز أعماله مثلما فعل الأخ سركيس كرم وأن تكريمه يأتي من خلال الندوات والأمسيات والاستماع إلى شعره ونثره بالفصحى وبالعامية
    فكلمات شاعر الغربة الطويلة كما كتبت عنه في ثمانينات القرن الماضي تخترق كل الحواجز لأنها نابعة من قلب لا يحد التعقيد لأنه يخاطبك من القلب إلى القلب وهي اللغة الوحيدة التي تعبّر عن مكنون شاعر أرهقته الغربة الطويلة وحنينه إلى مسقط رأسه وبلده الأم لبنان كما أرهقته قضايا البلدان العربية قولا وعملا والذي أرهقه أكثر عدم وجود تكتل أو ملتقى أدبي في وطننا الجديد أستراليا يجمع كل الشعراء والأدباء والمثقفين في ملتقى يضاف إلى منجزات جاليتنا في هذه الديار ليبقى أثرا للتاريخ المهجري في أستراليا مع أنني متأكد أنه مرهق من المتطفلين على الشعر والنثر والصحافة والإعلام وهذا حديث يطول
    تحية إلى شاعر الغربة الطويلة الأخ العزيز شربل بعيني ولكل ألأخوة والزملاء الأعزاء الذين يكنون كل الحب والتقدير لشربل بعيني ولولا ذلك لما قدموا مقترحهم موضوع هذا النقاش

    ردحذف
  6. د. عدنان الظاهر ـ المانيا8:54 ص

    بل أنتَ حبيب القلوب وأمير المغتربين والمهاجرين والمُهجّرين قسراً ثم ...
    زعيم ومُختار مملكة القنغورات والقناغر .
    عدنان

    ردحذف
  7. سايد مخايل ـ رئيس تحرير الانوار8:45 م

    العزيز شربل
    مهما عظمت الألقاب على أهميتها لا ترتقي الى روعة قصيدة واحدة من جرح قلبك أو الى مقالة واحدة من صدق قلمك.
    ومهما عظمت القصيدة والمقالة لا قيمة لها من دون قلبك الأبيض الذي لا يضمر إلا المحبة للآخر .
    لذلك انت العميد للأدب العربي المهجري والقصيدة الرائعة والمقالة الصادقة والاهم عميد للقلوب الصافية الناصعة البياض .
    سايد مخايل

    ردحذف
  8. مهندس عزمي إبراهيـم11:25 ص

    عزيزي شربل بعيني
    أولا أعتذر عن تأخيري في مشاركة تلك الباقة الطيبة التي بايعتك عميداً.
    كان جبران عميداً لشعراء المهجر المفعمين وطنية والمبدعين فكراً ولفظاً ونظماً، تلك الصحبة التي نبعت بالشرق (وبالتحديد بالشام لبنانه وسورياه) وازدهرت بالأمريكتين وبهرت الشرق والغرب فى النصف الأول من القرن العشرين: كانوا باقة رائعة و ما زلنا جميعاً نعيش في أعمالهم ونطير بأجنحتهم ونسبح بانبهار في فيض أفكارهم وما خطت أقلامهم.
    وكم عاودنا حلمٌ وراودنا أملٌ أن يعود الدهر في عصرنا بمثل تلك الصحبة الرائعة. وكم أسعدني أن أرى صحبة رائعة من أدباء وشعراء المهجر باستراليا نابعة من لبنان الحبيب وشقيقاته بالشرق. وأسعدني أكثر مبايعتهم لك عميداً. فكن عميداً لنا نحن الغرباء كما كان جبران عميداً لصحبة المهجر بالأمريكتين، وفي ذاك تقديرٌ لك وشرفٌ لنا.
    عزيزي شربل بعيني
    لم تسعدني الظروف أن نتلاقى وجهاً لوجه، ولكن كان لقائي بك في ساحة أفكارك وأشعارك الروائع وعلى صفحات موفع "الغربة" المضياف.
    مهندس عزمي إبراهيـم

    ردحذف