أبو الهول.. سيُهدم لا محالة

ترددت كثيراً قبل أن أكتب عن موضوع الفتوى المقلقة التي أطلقها شيخ مصري يدعى مرجان الجوهري، وأمر بها بهدم الأهرامات وأبي الهول لأنها أصنام تتعارض وتعاليم الدين الاسلامي على حد تعبيره.

ترددت، لا لعدم قدرتي على الخوض بمواضيع كهذه، بل خوفاً من مهاجمتي مرة ثالثة بالبيض، واتهامي بالكفر.

المقال في العراقية

ولكنني ما أن استمعت الى اللقاء التلفزيوني الذي أجراه الدكتور سام نان مع الدكتورين أنسي مطر والشيخ مصطفى راشد حتى قلت: ضع رأسك بين الرؤوس ولا تخف.
كثيرون هم الذين سخروا من تلك الفتوى، وراحوا يقيّمون الأمور بتفاؤل مريح ولسان حالهم يردد أن لا أحد يقدر على هدم الأهرامات أو مس ظفر أبي الهول وهناك مصري واحد على قيد الحياة.
ولكن من ينظر الى الأمور بمنظار مختلف سيرى أن تمثال أبي الهول ليس أقوى من تمثال بوذا الذي شارك بهدمه الشيخ مرجان الجوهري نفسه في أفغانستان على حد قول أحد المسؤولين الأمنيين في مصر.. كما أن أتباعه ليسوا أكثر من أتباع بوذا.. ومع ذلك تمكنت إحدى الفتاوى من محو أثر ذلك التمثال النادر الرائع، الذي كان يدر مئات الملايين من الدولارات على أفغانستان جراء تراكض البوذيين من كل حدب وصوب لزيارته والتبرك منه.
صحيح أن أبا الهول ليس تمثالاً دينياً، ولا يأتي أحد، حتى جيرانه، للتبرك منه، ولكنه، بنظر المتأسلمين، صنم يجب تحطيمه بأي ثمن، كي يتمكنوا لاحقاً من تحطيم كافة الأصنام الموجودة على الأرض المصرية.
ولأن صاحب الفتوى يعلم جيداً أن أبا الهول هو "أبو المصريين" جميعاً، ومصدر رزقهم، وأنه يدخل، عن طريق السياحة، الى جيوبهم ملايين الدولارات سنوياً، بغية إعالة أطفالهم، راح يشتم جميع العاملين بالسياحة، في برنامج "العاشرة مساء"، ويصفهم بأهل الفسق والدعارة، لأنهم يحرّضون الناس على ارتكاب ما يغضب الله". لا لشيء، سوى لإبعاد السيّاح عنه، وتخويفهم منه، كونه مهدّداً، فيضرب عصفورين بحجر واحد: لا سياحة ولا مردود سياحي فالفتوى إذاً صائبة.
وبهذا يكون قد بكّل فتواه من كافة جوانبها، تماماً كما بكّلوا فتوى هدم تمثال بوذا قبل تفجيره وسط هتافاتهم وتكبيراتهم وما شابه.
لقد بكى المسلمون المتنوّرون على تمثال بوذا أكثر مما بكى عليه البوذيون، وراحوا يندبونه بالقصائد والمقالات، ولكن البكاء على الاطلال لا يعيد بناء التمثال، وإن تنادوا اليوم لإعادة بنائه، ولكن أنى للتقليدي أن يبزّ الأصلي مقاماً وقيمة.
من ينظر بعين العقل الى تسارع الأحداث في مصر، واستفحال المدّ السلفي، الذي سينفّذ فتوى الجوهري، سيدرك تماماً أن أيام أبي الهول قليلة على هذه الأرض، وأنه سيلحق بأخيه "بوذا" الأفغاني لا محالة، والكون سيغض النظر عن الجريمة كما فعل يوم تفجير تمثال "بوذا" ويكتفي بالاستنكار فقط.
عام 21 هجرية افتتح الصحابي الجليل عمرو بن العاص مصر، وحكمها بعده آلاف الأمراء والسلاطين، كصلاح الدين الأيوبي وغيره، فلا ابن العاص ولا كافة الامراء، ولا حتى الخليفة عمر بن الخطاب الذي تم بعهده فتح مصر، خاصموا أبا الهول، أو تذمّروا منه، أو أمروا، لا سمح الله، بهدمه. لا بل اعتنوا به، كي يبقى أباً للمصريين، كما يجب أن يبقى.
ولكن أصحاب "الفتاوى" المخيفة لا يقرأون التاريخ، ولا يتبعون السلف الصالح، ولا يهمهم الجمال، لذلك أنا خائف، ومن حقي أن أصرخ: عجائب الدنيا في خطر.. أبو الهول في خطر.. وأهرامات الجيزة في خطر. فتحرّكوا.
شربل بعيني
سيدني ـ أستراليا
**
الرجاء قراءة التعليقات

هناك 7 تعليقات:

  1. عدنان الظاهر8:25 م

    أخي وعزيزي الغيور الأستاذ شربل بعيني / صباح الخير ...
    تقدم لقرّائك في كل يوم تُحفة ولتحفة اليوم خصوصية تأريخية ذاك أنَّ الشاعر برسي شللي كتب قصيدة عن أبي الهول لم أقرأها جيداً كما ينبغي لذا لا أستطيع أنْ أقول فيها رأياً ذا بال . فلعلك وأنت قادر أنْ تترجم قصيدة شللي إلى العربية بالضبط لمناسبة فتوى هذا الشيخ المصري الداعي إلى تهديم أبي الهول .
    شكري وتقديري .
    عدنان الظاهر

    ردحذف
  2. عصام ملكي8:54 م

    المفتي أنا ولو كنت بعتبرو
    فوق الورق عندي نشف حبرو
    من الأرض صوتي راح عا المريخ
    ولكل واحد وجّهت توبيخ
    بو الهول منعدّو أبو التاريخ
    اللي بيهدمو التاريخ بنقبرو

    ردحذف
  3. محمود ـ الجيزة ـ مصر1:18 ص

    وأنا أيضاً من أهرامات الجيزة أشاركك الرأي يا استاذنا الكبير شربل بعيني.. كوننا نعيش من أبو الهول.. ونطعم أطفالنا من ابو الهول.. هو أفضل لنا من حكومتنا، فلماذا يحرمون المصريين من عطفه وحنانه.. ولماذا يحرمون الكون أجمع من المجيء الى مصر والتنعم لمنظره. هذا الشيخ ليش شيخاً ولا يعرف المشيخة وحسابه عند ربه عسير.. ومن يدري فقد تتحقق فتواه كما ذكرت حضرتك لأن الجهّال حوله كثر.. وهم على استعداد لتنفيذ كل ما يفتي به الشيخ.. هكذا والله. ادعوا لنا من أستراليا حتى الله يحمي ابو الهول ممن يحسبون أنفسهم مشايخ الله.
    محمود ـ صاحب مكتب سياحي ـ الجيزة

    ردحذف
  4. مسلم مصري ثائر ـ الاسكندرية1:20 ص

    لقد بدأنا بتوزيع هذا المقال على المنتخبين على الدستور.. حتى يعرفوا ماذا سيعمل المدّ السلفي بنا.. وحتى يعرفوا ايضاً ان العالم يضحك علينا بسبب فتاويهم المبكية. لعنهم الله وعاشت مصر

    ردحذف
  5. غير معرف2:35 ص

    من هو عدو الحضارة الشرقية؟
    كتب ناجي-أمل الوصفي
    ايها الفارس الليناني شربل بعيني

    (1)
    كما ذكرت لك في تعليقى على مقالك السايق: نحن في حالة حرب عالمية غير معلنة!!! حرب بين الظلاميين وبين النورانيين. حرب بين التقدميين من ناحية وبين الرجعيين الذين يدعمهم اليمين الرأسمالي من ناحية أخرى.(نقطة)

    (2)
    الظلامييون هم فئة أو جماعة من الناس يحاولون إقامة الدولة الدينية التي تحكم مواطنيها بشريعة دين معين. وقد قرأنا عن الظلامية المسيحية في القرون المظلمة في أوربا والتي وصلت إلى ذروتها في أيام محاكم التفتيش التي راح ضحيتها خمسة وعشرين مليون مسيحي روحاني! والآن نسمع ونقرأ عن الظلامية الإسلامية في الشرق الاوسط والتي وصلت لذروتها بعد اندراع الربيع العربي الدموي. (نقطة)

    (3)
    اليمين الرأسمالي هم فئة أو جماعة من أصحاب الشركات العملاقة التي تريد أن تسيطر على ثروات الأرض المركزة في الشرق الأوسط. وقد ول اليمين الرأسمالي إلى ذروته عندما كان بوش وبلير وهاورد في السلطة وعلى وجه التحديد في يوم عرض مسرحية الحادي عشر من سبتمبر. (نقطة)

    (4)
    اليمين الراسمالي يحقق أهدافه من خلال تجنيد الظلاميين واستخدامهم لإسقاط الانظمة السياسية المعارضة له: رأينا ذلك واضحا تماما في افغانستان عندما كان المجاهدون (بزعامة بن لادن) يحاربون الجيش الأحمر. ورأيناه واضحا جليا في ليبيا ونراه واضحا مثل الشمس في سورية. وأخيرا نراه واضحا في تصريحات الشيخ مرجان. (نقطة)

    (5)
    من هو عدو الحضارات الشرقية (الفرعونية والبابلية والفينيقية)؟؟ الشيخ مرجان المفلس؟ أم اليمين الراسمالي الشيطاني؟؟؟ لم يكن الشيخ مرجان هو الذي دمر مكتبة بغداد وحرق كل ما فيها من أناجيل ومصاحف مكتوبة بخط اليد بل اليمين الرأسمالي الشيطاني. لم يكن الشيخ مرجان هو الذي دمر متحف بغداد بالقنابل الذرية (يو 238)بل اليمين الراسمالي. لم يكن الشيخ مرجان هو الذي مكّنَ المجرمين من إغتصاب القذافي جنسيا بينما غوغاء آخرون يقطون ويشرحون وجهه بالسكاكين مثل النعجة بل كان اليمين الراسمالي هو من فعل ذلك. الأمثلة لا تعد ولا تحصلى.(نقطة)

    (6)
    قال الكاتب الصحفي المصري المعروف محمد حسنين هيكل وأيدته وزيرة الخارجية الأمريكية هيلري كلينتون أن المخابرات الأمريكية بدأت في عام 2007 في التعامل مع الظلاميين الإسلاميين. الهدف من هذه المحبة المسيحية للظلاميين هو نقل الصراع الدائر بين الظلاميين والجيش الأمريكي في أفغانستان إلى صراع بين الظلاميين والجيش المصري على أرض مصر. (نقطة)

    (7)
    يعلم اليمين الراسمالي المتعفن أنه لا يستطيع تدير الحضارة الفرعونية بنفسه كما فعل في الحضارة البابلية. لذلك فنحن نعرف أن الشيخ مرجان إذا نجح بالفعل في تدمير أبا الهول فلن يبتسم (في عبه) إلا اليمين الراسمالي الشيطاني!!!(نقطة)

    (8)
    لن يتوقف اليمين الراسمالي الفاسد عند تدمير الحضارات الشرقية بل سيستمر وسيدمر إيران ثم يبدأ في تدير روسيا ثم الصين الشعبية.(نقطة)

    (9)
    التاريخ وحده يعلم من الذي سيستطيع التصدي لهذه الهجمة البربرية. في الوقت الحاضر، مازال الجيش العربي السوري صامدا.(نقطة)

    (10)
    عندما نتحدث عن الظلامية المسيحية أو الظلامية الإسلامية فنحن لا نتحدث عن الدين المسيحي السامي النوراني ولا عن الدين الإسلامي العظيم ولكننا نتحدث عن مجموعة من الناس تتحدث باسم الدين ولكن الدين منها براء إلى أن تقوم الساعة. (نقطة)
    ناجي-أمل الوصفي

    ردحذف
  6. العزيز شربل
    تحية طيبة
    إن هؤلاء المتأسلمين بقصد أو بغير قصد يسحبون الأمتين العربية والإسلامية إلى عصور الظلام والاستبداد قبل .
    فبعد أن قام مرشحون متأسلمون في مصر بإضافة حرق روايات لنجيب محفوظ وأرشيف أغاني أم كلثوم وفايزة احمد ومحمد عبد الوهاب وغيرهم من الفنانين الكبار إلى شعاراتهم الانتخابية، وبعد أن قام متأسلمون متشددون آخرون بمحاولة حرق المتحف الفرعوني ومحاولة تحطيم تمثال أبو الهول.
    وقد شهد الشرق العربي مؤخراً محطات ذات دلالات خطيرة أذكر منها:
    قيام جماعات متأسلمة متشددة في سورية بتحطيم تماثيل نصفية لأبو الطيب المتنبي وأبو فراس الحمداني على اعتبار "أنهما من أنصار آل البيت" وهذا افتراء كبير لأهم شعراء العرب عبر التاريخ. كما قام هؤلاء المتأسلمين بتحطيم تماثيل أخرى لرموز عربية وإسلامية في حلب وادلب ومعرة النعمان مثل أبو العلاء المعري والفارابي وغيرهم.
    وكذلك في طرابلس (الفيحاء سابقاً) التي كانت رمزاً للتعايش لكل أبناء لبنان من كل الطوائف والمذاهب التي لم يكن يتلفظ بها أو يعرفها ابن لبنان قبل عام 1975، أصبحت طرابلس اليوم مع الأسف معقلاً لكل المارقين الذين يعملون على تحقيق مخططات أعداء الأمتين العربية والإسلامية بقصد أو بغير قصد. وما أذكره عن طرابلس أيضاً يمكن أن يقال عن جنوب لبنان وباقي المناطق اللبنانية التي أصبحت مرتعاً وموطىء قدم لأتباع إيران وللمدعومين من حكام بلاد نجد والحجاز، وذلك تحقيقاً لمنهج "الفوضى البناءة" الأمريكية التي هي في حقيقتها فوضى هدامة، وتحقيقاً لقيام ما يسمى "الشرق الأوسط الجديد"، ضمن فيدراليات وكونفيدراليات طائفية مذهبية، وهو ما يعمل أعداء الأمة الداخليين قبل أعداء الخارج لتحقيقه. والمتابع لمجريات الأوضاع في البلدان العربية عامة يلاحظ أن كل الدساتير تم البدء في تغييرها لتصبح طائفية وليست وطنية وقومية، وأن من يعيد قراءة الدستور اللبناني تحديداً يجد أن مشاكل لبنان إنما هي مختصر لمشاكل الأمتين العربية والإسلامية التي كرستها "اتفاقية الطائف" كتابة نصية بعد أن كانت عرفاً شفهياً، حيث بات لبنان طائفياً مذهبياً وقاطنيه أصبحوا طوائف لا مواطنين مع الأسف الشديد، وهكذا ستصبح باقي البلدان العربية دون استثناء طوائف متناحرة في تسلسل ما يسمونه "الربيع العربي".
    لذلك أقول أنه لا ولن تستقيم مصلحة الوطن حتى تقام فيه الوطنية مقام الطائفية والمذهبية البغيضة التي كانت وستبقى آفة الوطنية والقومية، ولا يعنى فيما أقوله أنني ضد الدين بل على العكس من ذلك أني من أشد المتحمسين والمدافعين عن الدين ولا أفرق بين هذا أو ذاك وأنني ضد الإلحاد مهما كان ومن أينما أتى. كما أنني أؤمن بأن مَنْ لا دين له لا يمكن أن يكون لديه إيمان، ومن كان كذلك لا يمكنه أن يكون أمينا على أرض أجداده ووطن أحفاده.
    مما تقدم يمكنني التأكيد أن ما كتبه الزميل العزيز شربل بعيني كشاعر يصب في خدمة أبناء الأمة لأن دور المثقف الواعي في هذه المرحلة من أصعب الأدوار خاصة وأنه يخاطب العقل العربي الذي ليس بحاجة إلى تجديد لأنه كان من الأزل العقل الذي بارك الله فيه أمة العرب واختارها أمة للرسالات السماوية وخاتمة للأنبياء والمرسلين باختيار النبي العربي محمد (صلوات الله عليه) القائل: (إنما جئت لأتمم مكارم الأخلاق). تلك الأمة التي قال فيها أمير الشعراء أحمد شوقي: (إنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا)، والأمة اليوم تمر في مرحلة فقدان الأخلاق والقيم وهي من أخطر المراحل التي تمر عبر التاريخ، من هنا يأتي دور المثقف الواعي الذي يريد أن يحافظ على الوطن والمواطن في مواجهة أعداء الأمة الذين يعملون على إعادة صياغة عقل العربي طائفياً ومذهبياً، وتكريس الصراع بين أبناء الأمة.
    والحديث يطول وفي القلب غصة ولكن الأمل باق في المثقفين الواعين من أبناء الأمة في أماكن تواجدهم في الوطن الأم وفي بلاد المهجر.
    د. فؤاد الحاج
    ملبورن – أستراليا
    16/12/2012

    ردحذف
  7. Marcel W Baini12:01 ص

    Charbel my friend you are great and you will allways be. My respect and support.
    Best Regards.
    Marcel W Baini

    ردحذف