شاعر السوشي والكدّوشة

دخل الى مكتبي شخص لم أره من قبل، فصاح حين شاهدني:
ـ الحمد لله لقد وجدتك!
فقلت وأنا أتفحصّه من فوق الى تحت كي أتذكر من يكون، خاصة وقد بدأت ذاكرتي تخونني في خريف العمر. ولكنه، والحمد لله، لم يدعني أفكّر كثيراً، بل قال:
ـ أنت لا تعرفني، ولكنني أعرفك من خلال كتاباتك، لذلك جئت أطلب مساعدتك.
ـ تفضل، قل لي ما تريد.
ـ لقد كتبت مطلع أغنية أكثر من رائع، صدقني سيعجبك، ولكنني لم أتمكن من كتابة باقي المقاطع. هل لك أن تساعدني؟
هنا، بدأت الفرحة تجتاحني، كيف لا، وأنا أقف قبالة شاعر جديد لم أسمع باسمه من قبل، وقد أكون أول من يكتشفه، فقلت له:
ـ تفضل، أسمعني.
فصاح بأعلى صوته، ويداه تجوبان الفضاء بحثاً عن الموجات الصوتية:
ع السوشي السوشي السوشي
أنا بحبّك مطووشه
بوّست بنات الجيران
وما لحقني طرطوشه
وراح يشرح لي أن "السوشي" أكلة يابانية يتناولها الجميع في كافة بقاع الأرض. أما كلمة "طرطوشة" فتعني أنها لم تحصل منه على قبلة ترطب شفتيها الظامئتين. وفجأة ذبّل عينيه، ومطّ شفتيه وقال:
ـ أتمنى لو أضفت مقطعين للأغنية كي نهديها الى الفنان اسماعيل فاضل، فلقد أعجبتني أغنيته الأخيرة "بغداد أنت حبيبتي" وخاصة حين يقول:
قسماً بحبّك إن تكحّل موطنٌ
إلاّ بدمع العين لن تتكحلي
وقبلها رائعته "يا مصر"، التي أعجبني فيها هذا البيت:
لو باحت الأهرام بالحب النقي
لعلمت أن القلب لم يرحلْ معي
ومن يدري فقد تلاقي أغنيتي الرواج أيضاً. آه لو تعلم يا أستاذ كم أخذني من الوقت حتى آتي بهذا البيت الذي قد يضاهي جميع أبياتك الشعرية:
بوّست بنات الجيران
وما لحقني طرطوشه
بربك، هل سمعت من قبل شعراً رائعاً كهذا، كل ما ينقصني مقطعين فقط وسألهب الأرض بأغنيتي.
ومن دون أن أنظر إليه كي لا تفضحني ابتسامتي الساخرة، قلت:
ـ خذ المقطع الثاني:
أنا بنيّه مغشوشه
فردّي بدّو خرطوشه
حابّه قدّام الجيران 
قوّص إبن المحلوشه
وما أن انتهيت من القاء المقطع حتى حملني وراح يدور بي في أرجاء المكتب وهو يصيح:
ـ عظيم، عظيم، هذه هي عاداتنا الشرقية، نطلق النار على كل من يرمينا بنار الغيرة، والله والله أنت شاعر كبير. ليتك تتحفني بالمقطع الثالث كي تكتمل الأغنية.
ـ أنا تحت أمرك. خذ المقطع الثالث:
شعرك متل المنقوشه
أو شي أكلة مرشوشه
كل ما يكدش منّو حمار
بيتشردق بالكدّوشه
ومن دون أن يتلفظ بحرف واحد، فتح باب المكتب وولّى هارباً، وأنا أركض خلفه وأصيح:
ـ لم تخبرني ما اسمك.. ألا تريد أن تسمع المقطع الرابع؟
ع السوشي السوشي السوشي
شعرك طبله مبخوشه
كل ما تطبل فيها قول:
طوشي يا دنيي طوشي
شربل بعيني
سيدني ـ أستراليا
الرجاء قراءة التعليقات تحت المقال

هناك 6 تعليقات:

  1. موسى مرعي6:58 م

    عيش كتير بتشوف كتير أكيد هو لم يحمل شهادة دكتوراة مثل غيره الذين يقولون عن انفسهم انا دكتور فلان جاء الى استراليا كثيرون يحملون شهادات الدكتوراة بالجهل و منهم اشتروها من الوطن الام و صدقوا انفسهم . مثل واحد يحمل دكتوراة يفسر كلمة سعادة : كلنا مسلمون لرب العالمين منا من اسلم بالانجيل و منا من اسلم بالقرآن و منا من آمن بالحكمة و ليس لنا من عدو ليقاتلنا في الدين و الوطن و المجتمع سوى الصهاينة , كلمني و هو غضبان قال انا احترم الاسلام و لكن لا اريد ان اكون مسلم لماذا تريد ان تفرض علينا ان نعتنق الاسلام ايضا انا متحفظ على اسمه

    ردحذف
  2. وفي حال تواجدت كنت ارتجلت الأبيات التالية مع ضحكة عريضة وقلت :

    كلامك صايب برموشي
    غل بقلبي ورفوشي
    كل ما بسمع بيت وبيت
    بضرب راسي براس الحيط
    من خواتك طالب نتوشي


    ردحذف
  3. من الشاعر عصام ملكي

    منك يا ملكي محتار
    عمعدك واحد حرار
    سو ما جد وشو ما صار
    مش رح تطلع قاشوشي

    ردحذف
  4. عدنان الظاهر ـ المانيا11:39 م

    كل ما يكدش منّو حمار
    بيتشردق بالكدّوشه

    لماذا تُضحكني كثيراً والوقت ليس وقت فرح ؟
    أفهم الكديش والكديشة أو الكدّوشة لكني لم أفهم معنى الفعل " بيتشردق " !!
    شكراً جزيلاً أنك تتحفني بين حين وآخر ببعض نوادرك وطرائفك خاصة إذا كانت باللهجة اللبنانية.
    يا أخي .... طوّلْ بالك مع شعراء السوشي والتيك أوي والأندر كراوند والسب وي ثم .... الشاورمة أو الدونر كباب .... تحمّلهم وعاملهم على قدر عقولهم كما كان يفعل الفرزدق مع شباب الشعراء والمستجدين والمتشاعرين ومدّعي الشعر الذي نسميه في العراق : الشعر البعروري ....
    ثم ... كيف حملك ودار بك هذا الشاعر العظيم وعهدي بك أطول شربل في الدنيا وكيف أسلمتَ له زمام أمرك ؟
    عدنان

    ردحذف
  5. فاضل شباط11:41 م

    يا شربل حرام عليك
    تعمل في ضيفك هيك .
    الزلمي شاعر مش عادي
    وحامل الك زوادي
    هدية يحطها في ايديك
    بتفوم تكافيه بكم بيت
    مع دفشة على الوادي
    وبدك منا نحط ال لايك
    ونقلك يا عيني وبرافو عليك .
    ههههههه :

    ردحذف
  6. فراس الور ـ الاردن8:05 ص

    تحية طيبة و بعد،
    حلوة اكثير...صدقا ضحكت كثيرا على شغف هذا الشاعر البريئ لكتابة ابياته الضاحكة...و المقاطع التي ألفتها لتسايره و لكي تحافظ على شعوره طريفة جدا جدا، و سأعطي هذا الشاعر العصري الذي أتحفنا بأبيات السوشِيَة المقطع خامس :

    عالسوشي السوشي السوشي...
    ولًعَت بمغدوشيه
    راحت تخبز منقوشيه
    ماعطتني ولا نتوشيه...

    صدقا رسمت الضحكة و البسمة على شفاهنا استاذ شربل، شكرا مرة ثانية...

    ردحذف