رسالة الى الدكتور جميل ميلاد الدويهي
عزيزي الدكتور جميل ميلاد الدويهي المحترم
أشكرك على ارجاع "جائزة شربل بعيني" التي منحناك اياها عام 2014، والتي قلت فيها كلاماً كثيراً سيبقى محفوراً على ألواح صدورنا نختصره بعبارة واحدة جاءت في مقالك الرائع "نحن ومثل العمال في الكرم" مجلة الغربة أيلول 2014:
"بالأمس القريب حصلت على جائزة أدبية هي جائزة الشاعر شربل بعيني التي يقدّمها معهد الأبجدية في جبيل، وقلت في نفسي: كم أنت كبير يا شربل لأنّك تسمع كثيراً، ولا تصغي إلا إلى صوت الضمير، ولا تفهم لغة إلا لغة المحبّة، والأدب الصادق، والإنسانيّة الصحيحة. إنّ الأديب لا يُكرَّم إلا على أدبه، ولا يكرِّم الأديب إلاّ الأديب، (وعلى صدر كلّ منهما خرزة زرقاء طبعاً)، أمّا مَن يلطمون وجوههم فليس على شربل بعيني ومعهد الأبجدية إلاّ أن يقولا لهم: "أَمَا يَحِقُّ لِي أَنْ أَتَصَرَّفَ بِمَالِي كَمَا أُرِيدُ؟ أَمْ أَنَّ عَيْنَكَ شِرِّيرَةٌ لأَنَّنِي أَنَا صَالِحٌ؟..." ويبقى لسان حالنا يقول: نحن لا نطلب التكريم لأن مدّ اليد إهانة، ولكنّنا لا نرفضه إذا جاءنا من أناس كبار".
كما أشكرك على الرسالة اللطيفة التي أرفقتها مع الجائزة والتي تدل على نبل أخلاقك، خاصة تلك الملاحظة الانسانية الرائعة في آخر الرسالة: "نحن لن ننشر تفاصيل ردّنا للجائزة في أي مكان". وهذا ما لم يسبقك إليه أحد، فألف شكر لك.
ولكن من حقك وحق كل فائز بالجائزة أن يعيدها باحترام كما استلمها دون أي انتقاص من قيمته أو قيمة الجائزة أو قيم الفائزين بها. كما من حقّنا أيضاً أن نعلن للجميع أن الشاعر الكبير والاديب العظيم الدكتور جميل الدويهي قد تخلّى عن جائزته وفق هذا التنبيه المدرج على صفحة الجائزة:
"الى كل من يشعر أنه غير قادر على حمل جبل التكريم، وانه قد يرزح تحته، أو أنه أكبر من جائزة شربل بعيني، ما عليه سوى ان يعيدها الى أصحابها، باحترام كما سلمت له، وله منا كل الشكر والتقدير، ونأسف لاختياره".
رسالتك المرفقة بالجائزة، والتي وجهتها "الى حضرة الأخ الكريم"، قد تكون آخر رسالة أستلمها منك. وكم كنت أتمنى أن تتضمّن كلمة شكر، ولو من ست أو سبع كلمات، كهذه مثلاً: "شكراً يا شربل على أطروحة الدكتورة التي كنت أنت السبب في حصولي عليها".
هل نسيت يا عزيزي جميل يوم همست في أذنك:
ـ ما رأيك يا جميل لو تعد أطروحة دكتورة بأدب محمد الشرفي، وأنا سأقنعه وأسهل الأمر لك؟
وشاعر اليمن الكبير كان ينزل، وقتها ضيفاً عندي في البيت، وقد دوّخته بالكلام عنك، حتى صاح من تأففه:
ـ لو كان ابنك لما مدحته كل هذا المديح.
أعتقد أنك نسيت القصة تماماً، لذلك دعني أذكرك من خلال حديث دوّنه المهندس السوري المرحوم رفيق غنّوم حين التقى بمحمد الشرفي في كتابه "أجمل ما قيل بأدب شربل بعيني" تحت عنوان: "محمد الشرفي: من أنت أيها الرجل؟" والكتاب مطبوع ورقياً مرتين، ومنشور على الانترنت:
"عام 1990، كنت أصطاد السمك تحت جسر سيدني الشهير، في المنطقة التي تقع بها مدينة الملاهي (لونا بارك)، فإذا بشخص يأخذ الصنّارة من يدي، وكأنّه يريد سرقتها، فتطلّعت به والغضب يجتاحني كعاصفة. فإذا بي أقف أمام رفيق غربتي الشاعر شربل بعيني والشاعر اليمني الكبير محمد الشرفي. فصحت بأعلى صوتي:
ـ أهلا وسهلا بابن اليمن البار، أخبارك تملأ صحفنا المهجريّة، ورسمك نحمله في أعيننا وقلوبنا.
فأجابني الشرفي وهو ينظر إلى قبّعة كنت أضعها على رأسي:
ـ شكراً يا أخي.. لقد غمرتموني بمحبّتكم. واللـه الجالية العربيّة في أستراليا عظيمة، لـم تتخلّ بعد عن عاداتها الشرقيّة المشرّفة.
هنا، التفت إليه شربل وقال:
ـ دعني أعرّفك بصديقي المهندس رفيق غنّوم، كان منذ مدّة صاحب جريدة صوت المغترب.
فسألني الشرفي:
ـ ولماذا تخليّت عنها..
فقلت:
ـ لأسباب صحيّة.. وها أنا، كما تراني، أصطاد السمك من أجل الترويح عن النفس، وتنفيذاً لرغبة طبيبي. والآن، أخبرني هل أنت مسرور في أستراليا.
فتطلّع بشربل بعيني مليّاً وقال:
ـ أنا في ضيافة صديقي وأخي شربل بعيني.. الرجل الذي يعرف كيف يكرّم أصدقاءه.. فلولاه لما جئت إلى أستراليا، ولولاه لما حصلت على جائزة جبران، ولولاه لما التقيت بصحفي شاب، أجرى معي حديثاً في منزل شربل، ووعدني بإعداد دراسة أكاديميّة عن أدبي، يقدّمها لنيل شهادة الدكتورة.. على أن أزوّده بمؤلّفاتي متى رجعت إلى اليمن، ولكي يقرّب شربل بعيني المسافة الزمنيّة للدكتورة أهداه كل ما أهديته من كتبي.. إسمه.. إسمه..
فصاح شربل بعيني من المكان الذي يقف فيه لالتقاط صورة تذكاريّة لنا:
ـ أتركها مفاجأة يا محمّد..
فضحك الشرفي وقال:
ـ هذا هو شربل.. لا يخبر عن عمل قبل الإنتهاء منه.
وعندما همّا بتوديعي، همس شربل في أذني:
ـ تعال الليلة إلى منزلي.. سيستلم الشرفي جائزة جبران، وسيلقي أحلى قصائده".
الصحفي الشاب هو أنت يا دكتور. أفلا يستأهل شربل بعيني كلمة شكر بعد كل الذي فعله من أجل تسهيل دربك كي تحمل لقب دكتور.
الأدب الراقي ليس بالكلام فقط، بل بالأفعال أيضاً، وأعتقد أنني كنت راقياً ومحباً وحنوناً ومؤمناً الى أبعد الحدود، وليس مغفلاً كما يعتقد البعض، حين جمعتك بمحمد الشرفي كي تحصل على لقب دكتور، وحين وهبتك جائزتي.
لقد ربحت مني اللقب الذي تحمله، والجائزة التي أرجعتها، وما عليّ سوى أن أردد مع الشاعر بألم شديد:
أعطني حريّتي أطلق يديّا
انني أعطيت ما استبقيت شيّا
حماك الله.
أخوك شربل بعيني
وردتنا تعليقات كثيرة على هذا الموضوع، ولكننا نعتذر عن عدم نشرها
وردتنا تعليقات كثيرة على هذا الموضوع، ولكننا نعتذر عن عدم نشرها
ان الكفاءة اي تقديم شهادة تقديرية هي تعني أساس البقاء , من خلال العلم و التقدم الى الامام بنجاح و فعالية و العفعالية هي اساس النجاح
ردحذفيحكى مرة خلال الحرب العالمية الاولى صرخ عسكري اثناء حراسته الليلية على شخص ما أطفئ عود الثقاب ليفاجأ ان المذنب هو الجنرال شربل و بينما العسكري بدأ يتعلثم محاولا الاعتذار لجنراله . ربت هذا الجنرال على كتفه قائلا لا بأس عليك يا ولدي أحمد الله انني لست برتبة ملازم او مثلك . الجنرال كبير جدا لم يتنازل لمستوى المجند و انت يا عميدنا كبير جدا يكفي ان السيدة والدتك اسمتك شربل