ألملمُ دمعي

من ديوان "فافي" الاسم العائلي للشاعرة الكبيرة فاطمة ناعوت

ـ1ـ
كطفلةٍ بريئةٍ
داعبها المساءْ
تصيحُ: "واااااو" مرّةً
ويا إلهي مرتينِ
إنْ أنا أهديتُها الأماكنَ
والشِّعرَ والهواءْ. 
ـ2ـ
غنجُها التجاهليُّ يؤلمني
وكأنها لم تدركْ بعد 
أنني طوّبتُ لها أستراليا
بمَن فيها 
وما فيها.
ـ3ـ
ألم تخبرْها الحواسُّ الخمسُ
أن الجبالَ الزرقاء 
والسهولَ الخضراء
انقلبتْ صحراءَ جافةً 
يومَ غادرَتْها..
وأنّى لها استرجاع اخضرارها
إلاّ بعد عودة "فافي"؟
ـ4ـ
قاسيةً كانت..
حين حملتْ حقائبها.. ورحلتْ
كما نشرت في العراقية
تاركةً وراءها حيوانات الكنغر
والكووالا والنعامات
والدجاج والطيور
تلعق جراحاً لن تندمل.
ـ5ـ
الأمكنةُ التي أحبّتها
وقبّلت، من فرحِها، 
نعلَ حذائها..
لم يزرْها سائحٌ
ولم تلوّنْها ريشة.
ـ6ـ
قاسيةً كانت "فافي"..
يوم اعتقلت سؤالاً حزيناً
أبتْ أن تُطلِقَ سراحَه:
ماذا سيحدثُ للعيونِ المبللةِ
والقلوبِ الخافقةِ
إنْ هي غابتْ؟
وكأن العيونَ والقلوب
لم تُنر قاموسَها الشعري؟.
ـ7ـ
إذا عادتْ "فافي"..
سترمي أستراليا الحجزَ عليها!
مغادرتُها لها
تعارضتْ مع أبسط حقوق الانسان
وانتهكت الفقرةَ الأولى من قانون الشعر
والشعر لا يرحم..
لا يهادن..
متى استبدّ به الاشتياق.
ـ8ـ
محامي الدفاع يفتّش عن ممسكٍ ضدها..
هَدَيته إلى مواقعِها الإلكترونية الكثيرة،
فلشتْ أمامه مقالاتها،
أسمعته جميع أحاديثها المتلفزة،
وبعد عناء وسهر
سمعته يصيح: 
وجدتُها.. 
وجدتها
ـ9ـ
المحامي يهمسُ في أذني
وأنا كأبي الهول صامتٌ:
وقعتْ المدّعى عليها في فخ كلامها
سنحجزها العمرَ كله.
أبشري يا استراليا
رنّمي يا ببغاوات
واشمخي يا جبال!
ـ10ـ
المحامي يقترب مني أكثر،
يصفعني بعبارةٍ غجرية
قالتْها "فافي" دون وعي منها
نقلاً عن شاعرها شكسبير:
ـ "ما الضوءُ؟
إذا ما أمكنني رؤيةُ سيلفيا
ما الفرح؟
إذا لم تكن سيلفيا بالقرب مني"
ـ11ـ
المحامي يرقص طرباً
والأوراق تتطاير من حقيبته
وأنا 
ألملمُ 
دمعي.
**
فافي

ـ1ـ
الشّعرُ يؤرّقه ألمُ
تبكيه الأحرفُ
والقلمُ
داواهُ الطبُّ بأدويةٍ
لم تنفعْ مَن فيهِ سقَمُ
ـ2ـ
مسكينٌ..
كم عانَى وجعاً
ما زال يَضجُّ
ويحتدمُ!
صحراءُ الهجرِ تحيطُ به
والعطشُ الكافرُ ينتقِمُ...
ـ3ـ
ناجى المعبودَ..
فأوحى له
إسماً..
من وهجِهِ يبتسمُ
هي "فافي"
وجهٌ مصريٌّ
هيَ شمسٌ
صاغتها الحِكمُ
ـ4ـ
هي مجدُ النيلِ..
ورونقُهُ
هيَ حرفٌ..
تشتاقهُ قممُ
هي بوحُ الحبّ.. مُمَوسقةٌ
يختالُ برفقتها النّغمُ
إن كان "طبيبٌ" لا يُشفي
ناداهُ
إلى
الحُبِّ..
الهَرَمُ
**
شربل بعيني
سيدني ـ أستراليا

هناك تعليقان (2):

  1. دنيا مظلوم ـ بيروت ـ لبنان6:29 م

    أعتقد أن شربل بعيني مع حفظ الالقاب ينتهج اسلوباً قصصياً في قصائده الرائعة لفاطمة ناعوت.. تجعل القارىء مشدوداً أكثر الى النص.. كما لاحظت أنه يبتعد عن معميات وألغاز الشعر الحديث التي لا يفهمها الا شاعرها.
    الكل بانتظار باقي القصائد لنكتشف عمق غزله بهذه السيدة العظيمة.. وبالطبع يحق للشاعر ما لا يحق لغيره.. وما على باقي الشعراء سوى تقليده.. هناك سيدات جميلات بإمكان الشعراء التغزل بهن.. وانا بكل تواضع واحدة منهن.
    مجرد فكرة

    ردحذف
  2. عدنان الياسري ـ العراق8:32 م

    قصيدة فافي أقرب ما تكون الى أغنية، سيأتي يوم يغنيها أحد المطربين، ويشتهر اسم فافي.
    أنا معجب بسيدة مصر الشاعرة فاطمة ناعوت، والبارحة أجبرت وزير التعليم المصري على دفع فدية المريمتين كما دفع للطفل محمد. هي بطلة بكل ما للكلمة من معنى. وانا فخور جداً بأن يتغزّل فيها شربل بعيني كما تغزل نزار قباني بجميلة بو حيرد. هؤلاء النساء لا ينجب الزمان مثلهن كل ألف سنة. وهذه حقيقة

    ردحذف