فاطمة ناعوت وكمال العيادي وشربل بعيني بينهما

ـ1ـ
عزيزتي فاطمة ناعوت
أنت رائعة.. 
فكراً، 
ولغة، 
وأسلوباً،
انتِ شاعرة عظيمة.. وكفى
ـ2ـ
الان فهمت سرّ اهتمامي الزائد بك
عندما نوّرت سيدني بطلّة.. ولا أجمل.
الآن ادركت سبب اشتياقي القاتل لك
عندما ودّعتك بقبلة على يدك.. ولا أحنّ.
الآن عرفت لماذا الطيور لا تقع إلا على أشكالها.
الشعراء، يا فاطمة، يتنفسّون برئة واحدة
فإن تألّم أحدهم، تألّم الجميع
ـ3ـ
ما أجملك وأنت تكتبين..
انسيابُ حروفك،
مفرداتك،
عباراتك،
صورك،
كانسياب الحب في قلوب العشّاق.
ـ4ـ
البارحة، قرأت مقالك القصيدة
على قبر أمي
حملته معي ورحت أقرأه لها..
تألّمتْ كثيراً حين رأتني أبكي،
وتألّمتْ أكثر حين أخبرتها
أن فاطمة ناعوت بكت أمّها 
أكثر مما بكيتها أنا،
ورحت ألوم نفسي أمامها، 
وأعتذر منها على تقاعسي في البكاء،
وكانت تهدىء من غضبي وتقول:
هي امرأة، يابنيّ، وأنت رجل.
هي يحق لها أن تبكي أكثر منك
لأنها أحن منك.
قلبها أكبر من قلبك،
أنانيتها أقل من أنانيتك،
هي أم يا ولدي..
فهنئها على بكائها.. واصمت
فصمت الرجل يركّع جبلاً
ـ5ـ
وبينما كنت أداوي ألمي
 فاجأْتِني، يا فاطمة، بمقالك الرائع 
فأنقلب الألم غبطة، وهيصة، ودبكة بعلبكية،
نسبة الى مدينة بعلبك وقلعتها الشامخة.
ورحت أركض كالمجنون،
أصعد الدرج وأنزل الدرج
أدخل الحديقة وأخرج من الحديقة
أجلس على مكتبي دقيقة وأقف دقيقتين.
ماذا أصابني؟
لست أدري..
مقالك محا من عمري عشر سنوات
هو تاريخ مراسلاتنا الالكترونية،
كوننا تراسلنا قبل تعليقاتنا التاريخية هذه،
ورمى أمامي بورقة كتب عليها:
إنتبه.. كلمتك لا تموت
ـ6ـ
كم كنت محظوظاً حين تعرّفت على صديق رائع
اسمه كمال العيادي
وكم كنت محظوظاً حين تعرّفت على صديقة رائعة
اسمها فاطمة ناعوت
منحتني أخوّتها..
وسدّت جوعي القاتل إلى أخت حرمت منها عن طريق الولادة.
هو كان في ألمانيا
وهي كانت في مصر
وكنت أنا في أستراليا
وبسبب اشتياقنا الشديد لبعضنا البعض
قررنا السكن معا في وطن واحد اسمه "الكلمة".
وها هي فاطمة ناعوت في مقالها
تجبر الأمم المتحدة على إعلانه
وطناً للجميع
ـ7ـ
فاطمة ناعوت
كمال العيادي
أحبكما
**
شربل بعيني
سيدني ـ أستراليا

هناك تعليق واحد:

  1. د. علي بزّي ـ سيدني1:23 ص

    مقال الشاعرة فاطمة ناعوت وجه امي وشباك الفصل رائع ومؤثّر وألف شكر لوضع رابطه ضمن المقال، ولكن الشيء الذي أعجبني في مقالك هذا يا شربل بعيني هو عبارة "صمت الرجل يركّع جبلاً" إنها فلسفة متكاملة يحتاج الواحد منا لشرحها الى مجلدات، كما أعجبني تشبيهك لانسياب أسلوب فاطمة ناعوت الأدبي بانسياب الحب في قلوب العشّاق، وهل أجمل من هذا الانسياب، ثم أعجبني وطن الكلمة الذي سكنتموه معاً لتحوّله فاطمة الى وطن للجميع، ولكن الأكثر إثارة كانت عبارتك الفذة: الشعراء، يا فاطمة، يتنفسّون برئة واحدة فإن تألّم أحدهم تألّم الجميع. هذا الكلام لا يأتي من الفراغ.. انه يتوالد من تفاعل الشعراء مع بعضهم البعض، ولو لم يكن هناك تفاعل أدبي بينك وبين فاطمة لما تنعّمنا بهذا الجمال الادبي الخلاق. تحيتي لكما
    **
    د. علي بزّي مؤلف كتاب كلمات سريعة عن شربل بعيني

    ردحذف