البابا فرنسيس الأول صفعني بشدّة


كما نشر في العراقية
 عندما كتبت ونشرت ديوان "ألله.. ونقطة زيت" لم أكن أدري أن أحد أكبر رجالات الدين المسيحي: البابا فرنسيس الأول، سيصفعني بشدّة ويقول لي بنبرة حادة: ما كتبته عن رجال الدين لا يشمل الجميع، دائماً هناك استثناء.
صحيح أن قصائد الديوان كانت بالعامية اللبنانية، ولكنه ترجم الى الانكليزية ونشر ورقياً وإلكترونياً، وفي إحدى قصائده أقول:
تاج المسيح الـ كان من بلاّن
تا الدمّ غطّى الرّاس
حرقوه.. قالوا: كهنة الأديان
بيلبقلها الإلماس
ولأن بعض القراء لا يفهمون العامية اللبنانية، أحب أن أوضّح لهم أن تاج السيد المسيح كان من الشوك الذي أسال دمه على الجبين الطاهر، وخوفاً من أن يمتثل به رجال الدين المسيحي، ويتألمون كما تألّم، أحرقوا الاكليل المؤلم واستبدلوه بتاج مطعّم بالإلماس والجواهر.
صحيح أن المثلث الرحمات المطران عبده خليفة قال في مقدّمة الديوان أن شربل بعيني "لا يهاب ملامة، ولا يخاف من بشر. مسؤوليته كبيرة، يشرّفها بأن يقول ما عليه أن يقوله: يؤنّب، يوبّخ كالنبي"، ولكن، رغم التوبيخات المتكررة، نجد أن التيجان الذهبية الدينية تكاثرت بدلاً من أن تضمحّل، وعنجهية رجال الدين التافهين بدأت تقلق أنفس المؤمنين، وتدفعهم إلى الإلحاد المدمّر.
كثيراً ما تساءلت: لماذا ينخرط المرء في سلك الكهنوت إذا لم يقتدِ بسيّد المجد، يحمل صليبه بعزم وإدراك وتواضع ومحبة.. وإلا فليذهب إلى بيته غير مأسوف عليه.
البابا فرنسيس الأول أحدث هزّة لا بل زلزالاً في الفاتيكان وفي العالم المسيحي أجمع، فلقد استبدل الصليب المطعّم بالجواهر بصليب معدنيّ ليس له ثمن من الناحية التجارية، ولكنه أغلى وأجمل وأقدس صليب شاهده المسيحيّون بعد صليب السيّد.
هنا، وهناك، وفي كل مكان لا يجلس رجال الدين إلا على الكراسي الأمامية وطاولات الشرف طلباً للأبّهة ليس إلاّ، أما قداسته فلقد رفض الجلوس على الكرسي الذهبي النفيس المخصص له، واستبدله بكرسي خشبي بإمكان أي فقير في العالم أن يقتنيه ويجلس عليه.
وقد تتعجّبون إذا قلت ان الحبر الأعظم رفض ارتداء الحذاء الأحمر الذي لبسه قبله عشرات الباباوات، واستبدله بحذاء أسود يشبه أحذية الكهنة العاديين وباقي الناس.
أما الخاتم الذهبي فلقد ألقاه جانباً، ليكتفي بخاتم فضي يرفض الغني أن يتزيّن به في هذه الأيام التعيسة.
ورغم معرفته التامة بأن جدودي الفينيقيين هم أول من اكتشف الأرجوان، وسخّروه فقط لزينة الملوك والأمراء والباباوات والكرادلة، نجد أن السجاد الأحمر لم يعد له وجود تحت أقدام قداسته، إذ استبدله بالخشب العاري من أي دجلٍ وعظمة.
كثيرة هي التغيرات المحببة لنا كمؤمنين، والموحشة لهم كرجال دين، التي قام بها بابا الفاتيكان، وجعلتنا نهتف له: هللويا.. هللويا. وجعلتهم يرتعدون غيظاً وحقداً، إذ كيف بإمكانهم أن يقابلوا رأس الكنيسة الناصع البياض، وهم، كالطواويس، مدجّجون بكل الزينات الدنيوية الزائلة التي رماها جانباً، واشاح بوجهه عنها.
مجنون من يعتقد أن الشر لا يوجد إلا في الخمارات وبيوت المتعة والأزقة المعتمة وقلوب المجرمين.. الشر الأكبر والأشرس موجود أيضاً في أماكن العبادة، وفي قلوب رجال الدين.. فصلّوا معي إذن كي يحمي الفادي من فدانا بتواضعه الجمّ: قداسة البابا فرنسيس الأول. وأتمنى من كل قلبي أن تتوحّد الكنيسة على أيامه، وأن أتلقّى صفعة ثانية من رجل دين آخر، لأصرخ بأعلى صوتي: مبارك أنت يا ربّ.
شربل بعيني
سيدني ـ استراليا
**
الرجاء قراءة التعليقات

هناك 5 تعليقات:

  1. فاطمة الروّاس ـ تونس7:06 م

    لقد نسيت يا أخي شربل أن تذكر أن البابا فرنسيس الأول كان أول بابا يغسل رجلي فتاة مسلمة، ليثبت للعالم أجمع أن عيسى عليه السلام ما جاء للمسيحيين فقط بل للعالم أجمع. أطلب من الله أن يحفظ بابا البشرية هذا من أي ضرر. تحياتي من تونس
    أختك فاطمة الروّاس

    ردحذف
  2. ايلي عاقوري8:59 م

    شربل بعيني دائما يكتب من قلبه ودائما يكتب الحقيقة

    ردحذف
  3. أنطوانيت الياس ـ بون ـ ألمانيا11:15 ص

    مظبوط.. لازم نصلّي لهالبابا العظيم اللي خلانا نفرح كمسيحيين بخظواتو الجريئة اللي رح تسببلو وجع راس لأن المرض ضارب برؤوس بعض الكرادلة الطاواويس متل ما سماهم شربل.. ألله يحميك يا بابا فرنسيس الأول تا ترد مجد المسيح لكنيسة المسيح وتتوحد على ايامك كنيسة الرب

    ردحذف
  4. أنطوني ولسن9:01 م

    عزيزي شربل ..
    دائما موضوعاتك بها تأنيب لمن يستحق التأنيب بكل جرءة وموضوعية
    مسؤلية رجل الدين ليست في السياسة أو المجالس الأولى ولا في نداء الناس
    لهم أبونا .. أبونا .. أوسيدنا . لأنه ليس لنا غير أب واحد وهو أبونا السماوي
    الذي رفعنا السيد المسيح من العبودية إلى البنوة عندما طلب منه التلاميذ صلاة
    يرددونها . فقال لهم الصلاة الربانية التي تبدأ بـ أبانا الذي في السموات . ونهانا
    عن قول سيدنا لأن ليس لنا سيد غير المسيح .
    فهل تعتقد أن بقية الأباء الأجلاء سيتبعون ما قام بعمله بابا الفتيكان فرنسيس ؟ لا أظن !!.

    ردحذف
  5. د. عدنان الظاهر8:13 ص

    مساء الخير

    أرجو تفضّلكم بالنشر والثمن أنْ تصفعني كما صفعك البابا ولم ترد الصفعة بالمثل أيها الشجاع.
    عدنان

    ردحذف