هل هذا قطار.. أم طاولة شرف؟

   الضجة التي أحدثها مقالي السابق (حاربوا طاولات الشرف)، دفعت العديد من أبناء الجالية للكشف عن معاناة مزمنة موجعة أحرقت قلوبهم، وأبكت عيونهم، وجعلتهم يشعرون بالتمييز الحاد، من أناس أنانيين بلهاء دعوهم للمشاركة بحفلاتهم ومد يد العون لمشروعهم الخيري، فإذا بهم يذلونهم ويجلسونهم على طاولات عادية، رغم دفع ثمن بطاقاتهم، ويرفعون غيرهم ممن دخلوا مجاناً، ويجلسونهم على طاولة بشعة نتنة نجسة أسموها زوراً (طاولة شرف).
     قال لي أحد الأصدقاء: لقد أصبت بدوار شديد عندما دخلت إحدى الحفلات ووجدت جاري جالساً على طاولة الشرف، رغم بعده عن كل ما له علاقة (بالشرف)، وكأن من أجلسه هناك لم يدرِ أنه قد خرج لتوّه من السجن بكفالة مالية كبرى.. واسمحوا لي أن لا أخبركم عن السبب، لأنكم تعرفونه جيداً. 
   وأخبرتني سيدة لبنانية شجاعة أنها تملك صورة لطاولة شرف كان بودها أن ترسلها لي، لولا ممانعة زوجها، كون معظم الجالسين عليها قد انتهوا في السجن أو أعلنوا إفلاسهم.
   كما أخبرني أحد نواب منطقة باراماتا السابقين أن طاولة الشرف التي كان يجلسه عليها معظم أصدقائه اللبنانيين، كانت تخيفه، إذ أنه لم يعتد عليها بتاتاً في مجتمعه الاسترالي، نظراً لغرابتها وبطشها بباقي المدعوين المساكين

   أما الصورة المنشورة مع مقالي هذا فلقد التقطها رجل الأعمال جميل البابا، وزوّدني بها، وهو يعلن أمامي أن طاولات الناس الدافعين ثمن بطاقاتهم كانت شبه فارغة من المازات، لا بل مضحكة، بينما طاولة الشرف التي ترونها أمامكم مزينة بالورود والمازات الشهية والمشروبات الروحية على اختلاف انواعها، وقد حذفنا طاولة المشروبات كي لا يظهر وجه المشرف عليها.
جريدة العراقية تنقل مشكورة
ما كتبت عن طاولات الشرف
  هذه الصورة آلمتني كثيراً كونها التقطت في مركز ديني مسيحي، كان من المفروض على القائمين عليه أن يكونوا قدوة للآخرين، فإذا بهم يتناسون أن السيد المسيح ولد في مزود حقير، ليعطينا درساً في التواضع، وعمل نجاراً كي يفرح قلوب المتعبين في الأرض ويدفعهم الى التمسك أكثر فأكثر بأعمالهم الشريفة مهما كانت وكيفما كانت. كما أنه نزل من السماء وتجسّد بشراً مثلنا.. أي مثلي ومثلك.. لا فرق عنده بين فقير وغني، أو بين أجير وملك.. محبته وحّدتنا، فكيف نهدم ما بناه المسيح بطاولة شرف.
والظاهر أن المشرفين على الحفلة قد أذهلتهم المفاجأة عندما علموا أن المدعوّين على طاولة الشرف أكثر من المدعوّين العاديين، فبدأوا بتطويلها وتطويلها وتطويلها إلى أن أعياهم التعب وأصبحت مضحكة للغاية.
ولكي تضحكوا أكثر، عرضت الصورة على مجموعة من الأطفال اللبنانيين، وسألتهم: ماذا ترون في الصورة، فصاح الأول: هذا قطار. وزمجر الثاني: أم أربع وأربعين.. أما الثالث فقال: إنها طاولة شرف. وعندما سألته كيف عرفت؟ همس في أذني: أبي يشتم الجالسين عليها كلما عدنا من حفلة ما.
يقول قائل: ماذا تريدنا أن نفعل بوجود ضيوف أجانب يجب ان نكرّمهم؟! فأجيب: كرّمهم كما تكرّم باقي الناس، أجلسهم على طاولات تشبه طاولات باقي المدعوين.. وهكذا تكون قد احترمت كل من أمّنك على كرامته.. إذ أن القادم الى حفلتك لم يترك كرامته في البيت بل حملها معه ليسلمك إياها لحظة دخوله القاعة.. فكن شريفاً واحفظ كرامات الناس.
ملاحظة: إقرأوا التعليقات تحت المقال مباشرة. 
**
شربل بعيني
سيدني ـ استراليا

هناك 6 تعليقات:

  1. د. ساسين النبّوت ـ مالبورن9:59 م

    3afa rabbak,
    I hate attending haflat for the same reason,
    Sallim temmak
    Khayyak Sassine

    ردحذف
  2. جميل البابا8:48 ص

    Dear friend Charbel
    I could not say it my self thank you for you exposing my feeling at that night , and many time I ask my self , what will Jesus done if he was in my position ? Amen
    Jim baba

    ردحذف
  3. ريمون أبي عرّاج9:01 ص

    صديقي شربل

    انت الآن أطلقت كرة الثلج والتي بدأت تتدحرج نزولا" وعند انتفاخهاالويل من انفجارها. ألمهزلة الأكبر نشاهدها في بيوت الله.

    أصحاب الالقاب يميزون انفسهم عن الغير حتى في بيت الله. و ما رأيك بالمؤسسات الثقافية التي بديرها ذوو الالقاب المستعارة وهم شبه اميين و بعيدون كل البعد عن الثقافة والمدنية؟

    Have a nice day!

    ريمون

    ردحذف
  4. أم أنطوني12:46 م

    ألله يحميك من عيو ن الحساد يا استاذ الكل يا شربل بعيني.. يا معلّم أولادي القراءة والكتابة.. وابنتي مثلث في مسرحيتك (يا عيب الشوم) التي شخ فيها أحد الأطفال على طاولة الشرف..لا تخف منهم يا أستاذ نحن معك وربنا معك وسيدة لبنان معك.. ومتل ما قلت: نفوه عليهم

    ردحذف
  5. غير معرف5:34 م

    أخي العزيز شربل
    كانت أول معركة فرضتها علي هويتي العربية هي معركة غير متكافئة مع قرود وغوريلات طاولة الشرف.
    لعلك تذكر جيدا أيها الفارس الإنساني خيمة الشيخ في تلك المنطقة العفنة التي تشبه كهوف وخرائب طرة برة بالقرب من النيوتاون.
    في خيمة القرود هذه تم الأعتداء على إنسانيتي وقام قرود قطار الشرف أو قل غوريلات طاولة الشرف بإذلالي وكسر معنوياتي.
    وظن هؤلاء القرود والغوريلات ومن يشجعهم من الظلاميين والمتخلفين عقليا والرجعيين والأبطال الوهميين المتخرجين من محاكم إشهر الإفلاس المادي والفكري والمعنوي أنهم قد قضوا على ناجي-أمل الوصفي.
    أقسم بالتوراة والانجيل والمصحف الشريف؛ أقسم بماء النيل وبتربة جبل لبنان الحمراء أنني سأحاربهم في كل فرصة وكل يوم أحياه يوهبني إياه رب المجد يسوع المسيح.
    ناجي-أمل الوصفي

    ردحذف
  6. شوقي دلال9:15 ص

    رائع صديقي الحبيب أستاذ شربل بعيني، هؤلاء المساكين على ما يُسمى طاولات الشرف، يموتون قبل أن يموتوا

    ردحذف