شربل بعيني: واخيراً وجد الله/ وليد قصيفي

أصدر مجلة "الدبور" في أستراليا

ملاّح يبحث عن اللـه: قد يكون؟!.. إلاّ أن شربل بعيني ليس بحاجة للبحث طويلاً بعد صدور كتابه الجديد "أحباب". إنه سبحانه تعالى يتجلّى في كلّ سطر خطّه عقل الشاعر وقلبه، فجعلنا نقدّس الكلمة ونعبدها، وقد لا أغالي إذا قلت: ونصلي لها السلام عليك.
كنت قد تعرّفت على شعر شربل لأول مرّة عن طريق قصيدة نشرت له في مجلّة "الدبّور" في بيروت، منذ عشرين عاماً. ثـم شاءت الظروف أن أبتعد عن مطالعة الشعر الحر والأدب، وعافت نفسي سيرة الشعراء والأدباء، فقد كفرت بالكلمة الجميلة المعبّرة، وعبدت أصنام العلم والعلماء ورجال الفضاء والهندسة والفيزياء. وقد غاب عن ذهني تماماً كل ما له صلة بالشاعر بعيني، حتى فوجئت بوجود "أحباب". أولاً لأن الإهداء يقول: ديواني الجديد. فلا بد أن يكون جديد الشاعر أكثر نضجاً من عتيقه. او كما يقول شربل في تقديم كتابه:
كل ما بتولد قصيده
بولد بدنيي جديده
ثم تتوالى القصائد والمدائح، فمن تغزله بالسفير لطيف ابو الحسن:
بحبّك، بحبّك، ليش تا خبّي
لولاك قصّت جانحي الغربه
اسمك بقلبي كبير
يا "بو الحسن" رح طير
حامل جبل لبنان بقلبي
الى عرفانه بالجميل "للرابطة":
والرابطة اللي كرّمتني كتير
كيف بدّي إشكرا.. قولوا؟
بحضنا إذا بينام حرف زغير
بيفيق عم يتشاوف بطولو
ثم هناك قصائد لحلوات الغناء : بسكال صقر، وعايدة شلهوب، حتى ملحم بركات وريما:
طفْلِه زْغِيرِه وْفَنّها ما لُو قْياسْ
انْغَرْمِتْ بِطَلّتْها قْلُوب النَّاسْ
انْ صَرْخِتْ الأوفْ.. الْكَوْن بِيغَنِّي
عَ قَدّ ما فِي بْصَوتْها إِحْساسْ
بْتِضْحَك الْكِلْمِه، بْتِرْقُص الرَّنِّه
عَ شْفَافْ.. مُشْ مَسْمِحِلْها تِنْباسْ!
وِحْمَامْ هَاك الدَّارْ مِسْتَنِّي
تْرِدُّو عَ أَرْضُو الْـ عِزّْها مِنْداسْ
الْـ لِعْبِتْ بِأَعْصابَا أَلفْ أَنِّه
الْـ دَعْسِتْ عَ رَقْبِتْها جْناس جْناسْ
وْلَوْ يِسْأَلُوها: شُو بْتِتْمِنِّي
وْعَمْ يِحْصُد بْشَعْبِكْ غَدرْ يُوضاسْ؟
بِتْقُولْ: شَعْبِي يْعِيشْ مِتْهَنِّي
يْطَفِّي الْحُزنْ وِيْنَوِّر الأَعْراسْ
بْيِكْفِي الْوَطَنْ عَنِّه وَرَا عَنِّه
لُبْنانْ مَعْهَد عِلْم.. مُشْ مِتْراسْ!
غَنِّتْ "يا جدِّي" سِمْعِت الْجَنِّه
وَحَبْسُوا مْلايِكْة السَّما الأَنْفاسْ
وَقالُوا: يا أَللَّـه.. قِلّْهَا: تَنِّي
إِنْت الْـ وَهَبْتَا حُنْجرةْ إِلْماسْ
شَهْقِتْ "يا أُمِّي" الْحاضْنِه فَنِّي
بِوْجُودِكْ زْهُوري صَعبْ تِيباسْ
ما بْرِيدْ إِنِّكْ تِبعدي عَنِّي
مِنْ دُونْ حَلاكِي مُرّ طَعْم الْكاسْ
إِنْتي وْبَيِّي وْجالْيِه.. مِنِّي
خْلِقْتُوا رَمْز لِلطّفلْ بِالْهُجْرانْ
تا تْمَثِّل الأَوْطانْ رِيما الْيَاسْ
جميعها القيت في مناسبات وسهرات فأبدع الشاعر مرة، وتجاوز حدود "السما" مرات.
وقد توقّفت طويلاً امام قصيدته في رثاء الراحل توفيق يوسف عوّاد، الذي حاز على جائزة جبران لعام 1989:
ـ1ـ
غِصَّيْتْ لِمِّنْ غَابِتْ الضِّحْكِه
عَنْ تِمَّكْ الْـ نَوَّرْ لَيَالِينَا
وْمَا قْدِرْتْ مِنْ كِتْرِ الْوَجَعْ إِحْكِي
إِنْتَ الْوَطَنْ.. وِحْرُوفَك الْمِينَا
ـ2ـ
وْبَيْرُوتَكْ اللِّي طْعَمتْهَا "رْغِيفَكْ"
جْنُون الْغَدْرْ هَدَّمْ "طَوَاحِينَا"
جِينَا تَا نِسْأَلْهَا: إِنِتْ كِيفَكْ؟
فَتْحِتْ عَ صَدْرَا وْجَاوْبِتْنَا: مَاتْ
بَيّ "الْعَذَارَى" حَبّ يِفْدِينَا!!
ـ3ـ
مِتّْ؟!.. مُشْ مَعْقُولْ إِنْت تْمُوتْ
وْكَحَّلْ عِينَيْنَا "غْبَارْ إِيَّامَكْ"
وِ"الصَّبِي الأَعْرَجْ" عَ دَرْب الْقُوتْ
يَا مَا شِبِعْ مِنْ بَرْكِةِ كْلاَمَكْ
قَتْلُوكْ.. قَالُوا: بْتِنْقِتِلْ بَيْرُوتْ
هَـ الْكلّ عُمْرَا تْعِيشْ بِمْنَامَكْ
مِشْيِتْ "قَوَافِلْ وِالزَّمَنْ" تَابُوتْ
وْ"فُرْسَانْ" تِسْرُجْ خَيْل قِدَّامَكْ
تَارِي وَقتْ مَا بْتِنْهِدِمْ الِبْيُوتْ
وِيْبُوسْ دَمَّكْ عَتْبِة بْوَابَكْ
بِتْصِيرْ تِخْفُقْ نَصرْ.. أَعْلاَمَكْ.
ـ4ـ
رَحْ مِدّْ إِيدِي.. وِالْفَرَحْ زِنَّارْ
تَا مَثّلَكْ.. يَا مْمَثَّل بْلادِي
يَا شَهِيدْ الْحَقّْ.. جَايِي نْهَارْ
يِحْكِي قِصَصْ.. وِيْفَهِّمْ وْلادِي
كِيف الْحَقِيقَه بْيِخْنِقَا أَشْرَارْ
عَ مْسَارِح التِّدْجِيلْ.. رِدَّادِي
وْلَوْ مَا يْكُون الْعَارْ.. مِتْلُنْ عَارْ
كَان اسْتَحَى وِتْلَطَّفْ زْيَادِه!!
ـ5ـ
بِرْدَانْ.. حَيِّكْ لِلْوَطَنْ "قِمْصَانْ
مِنْ صُوفْ" عُمْرَكْ.. يَا إِبِنْ عُوَّادْ
وْضَوِّي "مَنَارَه" بْعَتْمِة الْهُجْرَانْ
رَحْ تِسْرُق الأَوْهَامْ نَاس بْعَادْ
وْضِمّ حَرْفَكْ عَ حَرفْ جُبْرَانْ
بْحَرْفَيْنْ.. فِيهُنْ يِنِشْلُوا الِبْلادْ
لا.. وْأَكْبَرْ "لا".. لْمِينْ مَا كَانْ
لا لِلْهَجرْ.. لِلْمَوْتْ.. لِلتِّقْسِيمْ
لُبْنَانْ بَاقِي بْهَالدِّنِي.. لُبْنَانْ
ان شربل بعيني ليس بحاجة لكلمة تشجيع او مديح، ونحن لا نجيد اللف والدوران حول ما نريد ان نقوله، ولكننا نود بإخلاص ان نعرّف من لا علم لهم بوجود كتبه في استراليا، وانه في حال " تعرقلت الامور" لا نظن بان الشاعر يمانع بالكتابة اليه للحصول على "أحباب" أو "معزوفة حب"، وقد سمحنا لأنفسنا بنشر عنوانه دون أخذ موافقته أولاً، فعفواً أستاذنا، ويمكنك ان تضمنا الى مجموعة أحبابك.. المخلصين.
الدبّور المهجريّة ـ العدد 12 ـ 9/6/1990
**

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق