د. علي بزّي: الربح والخسارة في كتاب الدكتور مصطفى الحلوة: شربل بعيني بين الفصحى والعامية


ما من عمل يقوم به الانسان إلا ويواجه إما الربح وإما الخسارة، أما كتاب الدكتور مصطفى الحلوة "شربل بعيني بين الفصحى والعامية" فلقد واجه الإثنين معاً. 
كيف؟ فلنتابع:
أولاً: الربح الوفير الذي جنيناه من الكتاب، هو تسليط الضوء على أشعار شربل بعيني، دون أن ألقبه، لأن ما كتبه عنه الدكتور الحلوة، أسمى من كل الألقاب.
ثانياً: تفعيل النشاط الثقافي في المغترب الأسترالي من خلال بث روح الثقة بأنفس الأدباء والشعراء، وأن ما ينتجون قابل للتمدد خارج غربتهم المحدودة، والالتقاء بالنهضة الأدبية العربية إذا بقي هناك من نهضة!
ثالثاً: عرف الدكتور مصطفى الحلوة كيف يضيء أسماء كثيرة في عالمنا الأدبي أثناء الكلام عن شربل بعيني، إذ دوّن الكثير من الاستشهادات التي جاءت من أقلام اغترابية.
رابعاً: قد لا أغالي إذا قلت أن أدبنا الاغترابي قد ربح دراسة أدبية قد لا تتكرر بالقريب العاجل، صحيح أن آلاف المقالات والقصائد، والعشرات من الكتب قد نشرت عن شربل بعيني، ولكن كتاب الدكتور مصطفى الحلوة كان درّة التاج دون منازع.
خامساً: تعرّفنا، ونحن نقرأ، على أديب فيلسوف يعرف كيف يلتقط نجوم الكلمات ليضيء بها سماء الأدب العربي الحالكة.. فلغته بسيطة لدرجة الإندهاش، وقوية لدرجة الذهول، وبين الاندهاش والذهول يبقى القارىء مشدوداً إلى القراءة.
سادساً: الكتاب وزّع مجاناً عبر البريد لمن أراد.. وقد أراده المئات من مغتربينا، وقد تتعجبون إذا قلت إن كلفة البريد، حسب معرفتي بها، قد زادت عن كلفة طباعة الكتاب، وهنا تكمن مقدرة شربل بعيني على نشر الكلمة دون الالتفات الى أي شيء آخر.
فإذا كان الربح بهذا القدر فأين تكمن الخسارة إذن؟
الخسارة الكبرى وقعت حين نُشر الكتاب في زمن جائحة الكورونا، التي منعتنا من رد الجميل، كما يجب، للدكتور مصطفى الحلوة، تماماً كما فعلنا عام 1989 يوم صدور دراسة الأديب السوري محمد زهير الباشا "شربل بعيني ملاّح يبحث عن الله"، ومن منا لا يذكر ذلك اليوم العظيم الذي حلّق به الشعراء والادباء، وعرضت فيه اللوحات الفنية، وصدحت حناجر الفنانات والفنانين.
أفلا يستحق كتاب الدكتور مصطفى الحلوة مثل هذا اليوم؟ بلى وألف بلى.
صحيح أن موقع الغربة الالكتروني عرف كيف يعوّض هذه الخسارة الفادحة، فجمع صورنا بصور الدكتور الحلوة في فيديو خالد، قد يعتبر الأول من نوعه، من حيث التوقيع الالكتروني للكتب.. ولكن آثار الخسارة ما زالت بارزة.
نحن نعرف أن رئيس الاتحاد الفلسفي العربي الدكتور مصطفى الحلوة لا يبحث حين يكتب عن أمجاد كهذه، لأن ما حمله من أمجاد قد تنحني من ثقله الجبال. 
فألف تحية له.
دكتور علي بزّي
**
بهذه الكلمة الادبية الراقية رد الدكتور مصطفى الحلوة على مقال الدكتور علي بزي "الربح والخسارة في كتاب الدكتور مصطفى الحلوة: شربل بعيني بين الفصحى والعامية":

لا خسارة... بل ربحٌ كالجبال أنوءُ بحملِه.
يكفيني فخراً، عزيزي د. علي بزّي، ما جاد به قلمك، حول الربح والخسارة في كتابي: "شربل بعيني بين الفصحى والعامية"، وما أفصحت عنه بعض القرائح في المغترب الاسترالي، وآخرها ما باح به مشكوراً السيد سايد أمين...
لقد وصلني حقي أربعة وعشرين قيراطاً ذهباً، وأنا أرمقُ، دامع العينين، عبر فيديو التوقيع الالكتروني، ذلك المشهد "القيامي"، الذي تفتقت عنه محبة شربل بعيني بل عبقريته، حين طلب الى كل من وصله الكتاب أن يبعث إليه بصورته وهو يرفع الكتاب بيمينه!...
أجل هو مشهدٌ قياميٌ من نوع آخر، له بيوم الدينونة شَبَهٌ، حيث حمل كل امرىء من خيرة مغتربينا كتابه بيمينه، مُفاخراً، يُردّد أمام محكمة الحق: "..هاؤمُ اقرءوا كتابيه"(قرآن كريم-سورة الحاقّة)...
لقد شعرتُ حينها، مع كل صورة من صُوَر مغتربينا الأكارم، بأنني ارتفع وكتابي الى علّيين، وانا ما تعوّدتُ النظر إلاّ إلى تحت! فما أنا، والله، الاّ سالكٌ في طريق المعرفة، لا أسعى إلاّ الى مرضاة الفكر، بل غير مُرتجٍ جزاءً وشكوراً .
لقد فاض، عزيزي د. علي، اناء تكريمكم لشربل ولي... كفّيتم ووفّيتم، وصدرتم عن محبة غامرة!... عهدي لكم أن أتابع مسيرتي مع الفكر العربي في المغترب الاسترالي، مع جاليتنا اللبنانية وجالياتنا العربية، عبر موسوعة، باشرتُ العمل فيها، آملاً أن تُبصر النور في الآتي من الشهور.
شكراً أخي شربل بعيني اذْ قدّمتني إلى ثُلّة كريمة من مغتربينا، من باحثين وأدباء وشعراء وفنانين وشخصيات لها حضورها في الشأن العام... هو ربحٌ لا يعدِلُه أي ربح.
معكم، مغتربينا، بل صفوة مغتربينا، بدأنا خطوة الألف ميل، ومعكم مستمرون الى يوم الدين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق