لعن الله من منحني شهادة الدكتورة الفخرية

بقلم شربل بعيني ـ

هذا ما قاله يوسف الحنكليس عندما غادر منزل أحد أصدقائه في سيدني، فلقد أراد هذا الصديق أن يكرّمه بعد نيله أعلى شهادة في العالم، وأن يفاخر به أمام جيرانه العرب، فدعا أكثر من ثلاثين شخصاً الى حفل باربكيو على شرف الدكتور حنكليس، وما أن انتهى الجيران من التهام لحوم الغنم والدجاج، حتى التفتوا الى حضرة الدكتور وراحوا يوجهون له الاسئلة المحرجة:
ـ أهلا بك يا دكتور وألف مبروك الشهادة.. أنا اسمي فاضل أسكن في ثالث بيت من هنا، أحب أن أسألك شيئاً عن معركة اليرموك، متى حصلت ولماذا حصلت؟
ـ آسف، لم أسمع بهذه المعركة اطلاقاً؟
فصاحت سهام إبنة صاحب المنزل التي لم تبلغ بعد ربيعها الثالث عشر:
ـ معركة اليرموك، وقعت عام 15 هـ (636) بين المسلمين والروم (الإمبراطورية البيزنطية)، ويعتبرها بعض المؤرخين من أهم المعارك في تاريخ العالم لأنها كانت بداية أول موجة انتصارات للمسلمين خارج جزيرة العرب.
ـ أنا نجوى، ومن حقك يا دكتور أن لا تعرف شيئاً عن التاريخ، لأن الدكتورة التي حصلت عليها قد تكون أدبية، هل لك أن تعدد لنا الأسماء الخمسة في اللغة العربية؟
ـ لم اسمع بها ايضاً؟ هل هي حقاً باللغة العربية؟
فصاحت سهام مرة ثانية:
ـ أب، أخ، حم، فو، ذو..
ـ أنا سامي أقرب الجيران الى صديقك، يا حضرة الدكتور، إذا لم تعرف بالتاريخ واللغة فإذن أنت دكتور علوم. عدد لنا أسماء الكواكب في المجموعة الشمسية لو سمحت؟
ـ كواكب في المجموعة الشمسية؟ هذا عجيب حقاً! ولكني لم أسمع بها ايضاً.
فصاحت سهام مرة ثالثة:
ـ عطارد، الزهرة، الأرض، المريخ، المشتري، زحل، أورانوس، نبتون، وبلوتو.
وما أن لفظت إسم "بلوتو" حتى راحوا يصفقون لها، وينادونها بالدكتورة سهام.
هنا تدخل صديقه والد سهام بعد أن وجد أن العرق المتصبب من جبينه قد يسبب له الذبحة القلبية، فصاح بأعلى صوته:
ـ اتركوا الدكتور يا جماعة، بلا أسئلة بلا بلوط.. صديقي حصل على الدكتورة الفخرية بالموسيقى.
ومثل هزة أرضية صاح الجميع:
ـ فليطبل لنا إذن؟
ـ لا توجد طبلة..
ـ فليطبل لنا على تنكة الزيت.. المهم أن نسمع موسيقاه.
وفجأة، شذر حضرة الدكتور ابنة صديقه الطفلة الذكية بلؤم شديد وانسحب من حفل التكريم، وصوته يلعلع في الفضاء:
ـ لعن الله من منحني شهادة الدكتورة الفخرية.. إنه لص ابن لص.
وكان أول شيء فعله حين حط الرحال في منزله أن أنزل الشهادة من على الحائط ورح يدوس عليها الى أن حطمها شر تحطيم.
ملاحظة: هذه القصة لا تعني لا من قريب ولا من بعيد أولئك المبدعين الحقيقيين الذين منحوا شهادات دكتورة فخرية من جامعات عالمية معترف بها ويحق لها منح مثل تلك الشهادات، فلهم ارفع قبعتي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق