عيسى القنصل يناجي مسقط رأسه في ديوانه: مادبا.. سيدتي الجميلة

الشاعر الأردني المهاجر عيسى القنصل، حوّل مسقط رأسه "مادبا" الى سيدة جميلة، لم يرَ رغم اغترابه الطويل في الولايات المتحدة الاميركية أجمل منها، فأسمى ديوانه الأخير "مادبا.. سيدتي الجميلة"، وراح يخاطب أهلها بهذه العبارات الحزينة: "منذ أربعين عاماً وأنا في انتظاركم، طرقت كل باب من أبوابكم بقصيدة شعر ومقالة انتماء.. وبكلمات حب.
كنت مؤمناً بأنني سوف ألقاكم، وأنزف بينكم عاطفتي، وأشعاري، لتصبح أمنيتي بالرجوع اليكم حديقة العطاء الذي من خلالها أقطف ثمرات انتمائي لكم".
هكذا خاطب أهلها نثراً، اما بالشعر فلقد ابدع:
أحبائي..
طيور الفكر تحملني
لبيت كان يجمعنا
وصوت الوالد الشحون بالود
يحدثنا..
وبعض الفحم ينقذنا من البرد
وعين الام صامتة
تراقبنا.. فمن قرب ومن بعد
ارى امسي.. بلا رعب
بلا الم بلا جسد بلا حقد
فرغم الفقر ما جعنا".
صدقت والله يا شاعري الكبير، فما من انسان جاع في بلده، وقرب أهله، ولولا التقلبات السياسية لما هاجرنا، وانسلخنا عن "مادبا" ولا عن "مجدليا" قريتي الحبيبة، وباقي قرانا ومدننا العامرة بالنخوة والحب.
وأعتقد، لا بل أجزم، أن الحنين الى "مادبا" يجلد شاعرنا عند بزوغ كل فجر بسوط من نار: 
فراغ هائل ينمو 
بأعماقي..
ولسع النار تأكلني
وتحرقني باشواقي
وحولي ساحة كبرى
بها حمم
بلا روح واحداق
ودمع العين نلزفة
بصمت مزعج قهرا واحراقا 
ولكي يرضي "مادبا" نراه يفتش عن الكلمات الحنونة، كما يفتّش المغروم عن زهرة ليهديها الى حبيبته، فلنقرأ كيف ناجاها:
"أنا يا مادبا إبنٌ
تراني في ليالي الجرح منتحباً
حنانك يمسح الدمعات من عيني
لذا أبقى مع الأحزان أعشقها
ففي حزني 
أراك قريبة مني".
هذا قليل من كثير ابن الاردن البار شاعرنا الحبيب عيسى القنصل، الذي رافق رحلتنا مع الاعلام منذ بدايتها، فلقد كان يرفدنا بأجمل قصائده، حتى صار صوتاً رائعاً من أصوات "غربتنا"، فله منا كل الحب والتقدير. والى مولود شعري آخر بإذن الله.
شربل بعيني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق