بغداد أنت حبيبتي

مستوحاة من كلمات الشاعر العراقي الكبير عبد الوهاب البياتي
ألله بالخير..
بهذه العبارة استقبلَني الراحلُ العملاق عبدُ الوهاب البياتي يومَ التقيتُه في بغداد عام 1987، كنت مدعوّاً الى مهرجان المِربد الشعري، فصَعِدْتُ الباصَ لأذهبَ الى قاعة الرشيد كي أُلقيَ قصيدتي "أرضَ العراق أتيتك"، فإذا بي أجلسُ بقربه، فعرّفته على نفسي قائلاً: 
ـ شربل بعيني من أستراليا. 
فأجابني وهو يصافحُني: 
ـ عبد الوهاب البياتي من العراق. 
فصِحْتُ بأعلى صوتي: 
ـ أأنت عبد الوهاب البياتي؟ 
فضحك وقال: 
ـ لا ألومُك إن لم تعرِفْني.. فلقد غيّرني التنقلُ بين الدول. 
فقلت له: 
ـ لا.. لا.. ولكنك فاجأتَني، كنت أعتقدُ أنني سألتقيكَ في مدريد أو في أيةِ عاصمة أوروبية، فإذا بي ألتقيكَ هنا في بغداد. 
فأحنى رأسَه الشامخَ وقال: 
ـ بغدادُ هي حبيبتي.. ألم تقرأ ما قال الشاعر: ما الحبّ إلا للحبيبِ الأولِ. 
فإلى روحه الطاهرة أهدي هذه القصيدة المُستوحاةَ من كلامِه:
بَغْدادُ أنْتِ حَبيبتِي.. لا تَخْجَلي
مُنذُ الوُجُودِ، خُلِقْتِ يا بَغْدادُ لي
أحْبَبْتُ وَجْهَكِ.. وَالْغَرامُ حِكايَةٌ 
مِثْلَ الدِّماءِ تَدَفَّقَتْ بِمَفاصِلي
لَوَّنْتُ بِالشَّفَقِ الْجَميل شَوارِعاً 
خِلْتُ الشَّوارِعَ أمْسَكَتْ بِأنامِلي         
وَتَشامَخَتْ فَوْقَ الرُّبوعِ مَنازِلي
قَسَماً بِحُبِّكِ.. إنْ تَكَحَّلَ مَوْطِنٌ 
إلا بِدَمْعِ الْعَيْنِ لَنْ تَتَكَحَّلي
لا لَسْتُ أَنْسى يَوْمَ جِئْتُكِ مُغْرَماً
وَتَراقَصَتْ قُرْبَ الفُراتِ جَداوِلي 
وَتَهامَسَتْ أَمْواجُ دِجْلَةَ: ها أنا
ماءُ السَّعادَةِ.. غُبَّنِي بِتَمَهُّلِ
أَوْدَعْتُ فيكِ طُفولَةً يَحْلو لَها  
أن تَسْتَبيحَ عَواطِفي وَتَأَمُّلي
إسْمِي على شَفَةِ الصباحِ كَتَبْتُهُ 
إبْنُ العراقِ أنا.. أنا.. إنْ تَسْأَلِي
مَهْما ابْتَعَدْتُ.. لَنْ أُطيلَ تَشَرُّدي
فَتَأَلّقي، وَتَزَيّنِي، وتَدَلَّلِي
إِنِّي أُصَدِّقُ بَيْتَ شِعْرٍ رائِعِ:
"ما الْحُبُّ إلاّ لِلْحَبيبِ الأوَّلِ"
شربل بعيني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق