أكثر ما استوقني في قصائد الدكتور الشيخ مصطفى راشد هو أيمانه القوي بالله، الذي انبثق عنه ومنه حبّه الشديد لأخية الانسان، أيا كان دينه أو لونه. فالانسانية الشاملة تكاد تؤرق شيخنا الشاعر لدرجة أنها تلازمه طوال رحلته مع القلم، انه، وباختصار شديد، مجنون وفاق وتوافق ووحدة، وهذا ما نلمسه في قصيدته يا "خالق الكل":
إحنا إتخَلَقنا مُسلِمين
وإخواتى إتخَلقوا يهود ومسيحيين
وولاد عمى بوذا وسيخ وهندوس وبهائيين
وابن خالى مُلحد -- طب آيه ذَنبى يا رب العالمين
انتَ الخالق والقادر على العباد أجمعين
وبهذا ينفّذ ما حفظ من دينه: "ولو شاء ربك لجعل لناس أمة واحدة". ويصرخ بأعلى صوته:
دينى هو دين الحب يا أهل الأرضِ والسماء
فإذا كان الله محبّة، فالدين يجب أن يكون دين الحب، ولكن هل سينصت أهل الأرض والسماء لصرخة شيخنا العلامة، أم ستبقى البشرية تتلذذ بلعق دماء أبنائها باسم الدين، والله بريء من كل الجرائم التي ارتكبت باسمه.
وبما أن أشد الجرائم الطائفية التي ارتكبت كان مسرحها "مصر" نراه يحضن "أم الدنيا" بالحلم، وهو يتلوى على جمر غربته، ويهمس في أذنها:
كل يوم بدعيلك تعيشى بأمان
ويبعد عنك الإرهابيين الخونة
المجرمين مفجرى الحجرَ والإنسان
الملحدين الكفرة الفجرة
المتأسلمين مدعى الإسلام والدين
وليس هذا فحسب، بل راح يبكيها بدموع حمراء، من كثرة المصائب التي ألمت بها، وحصدت خيرة شبابها، من مسلمين ومسيحيين، الذين لا ذنب لهم، سوى أنهم يريدون العيش بشرف وحرية كباقي شعوب الارض:
بكيت عشانك يا مصر
لما سمعت صوت الأدان وقت العصر
ورنين أجراس كنايسك
بتصرخ لرَب المجد والنصر
وشهيد ماسبيروا والإتحادية وكل أحيائك
خيرة ولادك يا مصر
بكيت عشانك يا أمى
يانبت لحمى ودمى وعشقى وهمى
وأنا شايفهم بيخطفوكى
وبأسم الدين عايزين يدبحوكى
وفي قصيدته "ثورة على الاخوان" نجد أن الشيخ تحوّل الى ثائر بثوب أزهري، وراح يدعو الناس الى ثورة جديدة:
ثورة جديدة ---
لأجل بزوغ فجر مصر الوليدة
مصر الحضارة والتاريخ الفرعونى
الرومانى القبطى الإسلامى
أكبر من الإخوان ----
ستبقى مصر ويرحل العدوان
ولكي تحقق رسالته الانسانية هدفها، دعا الشعب المصري الى التمرد، وعدم الخوف من قاتل أحلامهم، من كاره حضارتهم، من كل صاحب لحية وزبيبة، أولئك الذين يكذبون على الله، قبل أن يكذبوا على الانسان:
تمرد يا مصرى
على الفكر الظلامى قاتل الحلم ،
كاره العلم ،
الخطر القادم على كل وليد
تمرد على البلادة ،
وكل لحية بزبيبة وسجادة،
تكذب على الله بتعمد وزيادة
وأخيراً، لو وجد في الاسلام عشرون شيخاً مثل مصطفى راشد، لأصبح المسلمون، دون شك، "خير أمة أخرجت للناس" ولكان العالم الاسلامي جنة الله على الارض.
شربل بعيني
سيدني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق