طائر الهامة للدكتور جميل الدويهي ديوان شعر في قالب قصصي

ما أن وصلني "طائر الهامة" للدكتور الشاعر جميل الدويهي، حتى رحت أحلق معه في عالم الشعر، رغم كونه نثريّ السطور، قصصي المنحى، إلا أن الشعر هو الغالب في كل صفحاته. فمنذ الصفحة الاولى تجد أن جميل الشاعر قد ظهر رغم أنف النثر والقصة، وها أنا أوزّع بعض عبارات مدخل الكتاب على طريقة الشعر الحديث لتدركوا صواب رأيي:
"تدهشني الكتابة،
لأن لها صوتاً كنحيب الأشجار،
بيد أنني لا أتقنها،
أصنعها كما يصنعون رغيفاً من الجوع
الى 
الرغيف".
الى أن ينهي أفكار فؤاد السرنوك، بطل قصته،بهذه الصورة الشعرية الرائعة:
"المجانين لا يقرأون
ولا يكتبون،
ولكنهم يجيدون قتل الحروف
وهي في مهدها،
فدعوا الحروف نائمة في خوابي العصور،
لكي لا يدوس عليها المخبولون
بأحذيتهم".
وأجد نفسي عاجزاً عن اختيار مقاطع شعرية بعينها، كونها مشرورة كالنجوم على صفحات الكتاب، وإليكم هذه:
" تلك الأوراق الذابلة 
هي صدى لعمر يعدو في الفراغ،
كأنه يسابق خيولاً بريّة.
عمر كان يتهادى على أنشودة حلم،
لكنه وقع فجأة من يد القدر،
فتحطّم".
والغريب أن جميل لا يتخلى عن شاعريته، حتى وهو يصوّر حالات "سعاد" النفسية:
"انها أضعف من أن تقول حرفاً واحداً،
فالحروف تجمدت،
وتلبدت مثل غيوم في فمها،
كان صمتها مراً".
هل رأيتم غيوماً من قبل تتلبّد داخل فم إلا في طائر الهامة؟
وقد تتعجبّون اذا قلت أن جميل يعترف في كتابه بشعرية العبارات، إذ عندما سألت "سعاد" الفتى عن أحلامه، أجاب:
"أحلامي 
كهذه الأجنحة المرفرفة،
كهذا النسيم الذي يهدهد الأشجار،
وكتلك الأمواج التي لا تعرف هدوءاً".
فما كان منها إلا قالت:
ـ أنت شاعر صغير، وأتوقّع أن تصبح شاعراً كبيراً في يوم من الأيام.
يا إلهي.. كيف يكون شاعراً صغيراً وقد أنطقه "جميل" بما لم ينطقه الكبار؟
هذه قطرات قليلة من شلالات كثيرة، أحببت أن أركز فيها على شاعرية الدكتور جميل الدويهي النثرية، التي حلّق فيها من قبل فيلسوف لبنان جبران خليل جبران.
طائر الهامة.. ديوان شعر في قالب قصصي، رفع فيه الدكتور جميل الدويهي النثر الى مرتبة الشعر، دون أن يتخلى عن لحظات التشويق والاستدراج.
شربل بعيني
4/7/2012

هناك تعليقان (2):

  1. جميل الدويهي5:41 م

    العزيز جداً الشاعر شربل بعيني،
    أشكرك من قلبي على مقلتك التي أضاءت على ناحية مهمة في "طائر الهامة"، وهي ناحية أشار إليها بعض من كتبوا عن القصّة، أما أنت فقد فصلت وأمعنت. ومقالتك ستكون في كتاب يصدر قريباً بعنوان "كتبوا عن طائر الهامة"، بل هي جوهرة ثمينة ستزيّن الكتاب.
    لك محبتي وتقديري
    جميل

    ردحذف
    الردود
    1. غير معرف4:49 ص

      حضرة الدكتور جميل الدويهي،
      كيف لي أن أحصل على كتبك هنا في لبنان؟
      فأنا نهتمة جدًّا بقراءة كتبك وقصائدك؟
      شكرًا

      حذف