رثاء شربل بعيني للأب يوسف سعيد


عام 1987 تلقيتُ دعوةً للمشاركةِ بالمربد الشعريِّ الثامن في العراق، فكانت المرة الأولى التي أعودُ بها الى وطني العربي الأكبر بعدَ غيابٍ طويل. كنت خائفاًُ كطفلٍ صغيرٍ يَمَّمَ وجهَهُ جِهَةَ الشرق ليبحثَ عن أبٍ أضاعَه يومَ رحل، وما كنت أعلمُ أنني سأجدُه في بغداد، كاهناً قديساً، وشاعراً محلقاً، وناقداً متواضعاً، وصديقاً قلَّ مثيلُه.
لقد وجدتُك يا أبتي، يا شاعري، ويا صديقي الأب الدكتور يوسف سعيد. عندها تلاشَتْ غربتي، واضمحلَّ خوفي، وأحسستُ أنّي وجدتُ الوطن.
يا وطنَ القداسة، لن تنطفىءَ شموعُك.
يا وطنَ الشعر، ما أجملَ بيوتِك.
يا وطنَ الصداقة، ما أوسعَ حدودِك.
يا كاهنَ الرب، ظلِّلْني بأبُوّتِك، باركني بِيَراعِك وسدِّد خُطايَ بقداستِك. لقد كنتَ الكلَّ في شخصٍ واحد، فأحبَّك الكلُّ وتباهوا بطَلَّتِك.
رحيلُك عنّا خسارةٌ لن تعوّضَ، ولكن مهما أحببناك لن نحبَّك قدرَ الداخلِ الى ملكوتِه السماوي، فاهنأ برفقة سيِّدِ المجد.. لأنَّك كنتَ المجد. وداعاً يا أبتي وإلى اللقاء.
إبنُك الشعري شربل بعيني
سيدني ـ أستراليا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق