الشاعر شربل.. بعيني/ فرناندو فرنسيس

إعلامي فلسطيني مهجري

يشكو الجميع في هذا المغترب من النقص المتواجد في الإبداع الفكري بين أبناء الجالية العربية، وقد كدت أصدق هذه المقولة، كما بدأت بالتغني بها لفترة من الزمن، مثلما يتغنى بها هؤلاء.
وبعد مرور عام تقريباً على تواجدي في هذا البلد، استعدت إيماني بمثقّفي الاغتراب، وذلك عندما رأيت العدد الكبير من هؤلاء منعزلين بسبب قيام البعض من مدّعي الثقافة والمعرفة بإحباطهم، فتقمقموا وسكتوا بانتظار ما قد يستجد.
لكن بقي هناك بعض من أولئك المثقفين الذين قاموا برفع أصواتهم بالصراخ في بريّة هذا المغترب. أحدهم شربل بعيني الشاعر الانسان والشاعر الفنان الثائر.
أقول الانسان لأنه انسان أولاً وأخيراً، والفنان الثائر لأنه ثار بشعره على مجتمع حاول اسكاته واخضاعه ولكنه بقي صوتاً صارخاً في هذه البريّة رافضاً الاستسلام والتقمقم.
أبدع شربل، وحلّق وأعطى ما لم يعطه شاعر قبله في استراليا، وثار على حكم "المسقفين"، وأكمل العطاء بسخاء ولم توقفه الحواجز المادية. إذ صدر له إثنا عشر ديوان شعر، علماً بأن دور النشر الكبرى في هذا البلد رفضت حتّى الاطلاع على أعماله، دعك عن مساعدته في نشر دواوينه.
لم يحبط هذا الانسان، وبقي سائراً على طريق العطاء، وقام بعض من الصحافيين الأشاوس، كالاستاذ كامل المر رئيس تحرير مجلة الوفاق، والاستاذ بطرس عنداري رئيس تحرير جريدة النهار، والاستاذ رفيق غنوم رئيس تحرير جريدة صوت المغترب، بمحاولة تقييم عمل هذا الانسان الشاعر الفنان، وأقول محاولة، دون أن أقصد الانتقاص من قيمة العمل الذي قاموا به، وإنما لأنه باعتقادي أن الشعر والعمل الفني غير قابلين للنقد أو التقييمن ولذلك قيل قديماً: يحق للشاعر والفنان ما لا يحق لغيرهما.
ويبقى مأخذي على شربل هو أنه لا زال يعيش الاقليمية، مع انه حاول الخروج عنها في بعض الأحيان، مفجراً طاقاته المخزونة لما فيه خير الجالية. لكن، بنظري، المحاولات كانت أقل مما يجب.
وأخيراً، لست بمدعٍ للثقافة أو النقد، ولكني قارىء خطر لي كتابة هذه الخاطرة، وأنا أكيد بأنه مهما قلت أو قاله غيري عن شربل بعيني، فلن نستطيع إيفاء هذا الانسان الشاعر حقه.
صوت المغترب، العدد 867، 1986
**

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق