مليحة الشهاب تشتشهد بكلمات لشربل بعيني


كتاب اليوم
مليحة الشهاب
تسونامي حساوية
دخلت على والدتها والدمع في عينيها، وبقلبها الصغير المكسور تهدجت بكلمات تعكس مدى عدم قدرتها على استيعاب ما حدث: طردوني من المدرج، وما أدري ليه..، أنا ما سويت شيء..، كنت أشاهد فريقي وهو يلعب وأشجعه زي كل الموجودين..، مع أن المباراة ما بدأت إلا متأخرة ما أدري ليه، بس كنت متحمسة وفرحانة..، مشاهدة المباراة في المدرج أحلى..، وكان أبوي جنبي..، وأنا وأخوي كل واحد منا كان يشجع فريقه...، فجأة جاني رجالين، ما أدري ليه حسيت أن أشكالهم غريبة، وكأنهم جايين من عالم ثاني، خفت، التفت على أبوي وما شفته اختفى..، كنت أبغي أقول لهم ليه، بس تفاجأت بأن لساني تخشب في فمي..
احتضنتها أمها وقالت: نعم كل عضو إذا لم نستخدمه فنحن ندربه على الموت، وعند حاجتنا إليه سنكتشف عطالته التامة..، عليك يا صغيرتي من الآن أن تدربي لسانك على قول كلمة لا أمام كل من تظنين أنه اغتصب حقا من حقوقك، قبل أن يأتي اليوم لتفاجئي بأن لا لسان لك..نعم هنا لدينا ما يكفي من الفوبيا من جنس النساء، في أن يتسبب مجرد حضور طفلة بين صفوف المشجعين في ملعب كرة قدم في حدوث زلزال دفع بالحكم إلى عقد قمة مع مستشاريه، للبت في أمر هذا الكائن الغريب الذي سيؤدي إلى فتنة قد تؤثر على قدراتهم كحكام في السيطرة على سير المباراة، وقد تربك اللاعبين فيدخلون أهدافا في مرماهم، بدل مرمى الفريق المنافس، والفتنة الأشد ستصيب المشجعين الذين تجلس بينهم، فيحدث ما لا يمكن التنبؤ به..
لكن المشاورات تمخضت عن أن هذا الأمر خارج اختصاص الحكام..، وبالفعل انطلقت صافرة الحكم لتبدأ المباراة، وتسير بشكل سلس لمدة 36 دقيقة، دون تسجيل أي أثر لفتنة أصابت ذكرا واحدا..، ومع ذلك جاء من يطرد هذه الطفلة من المدرج، لا لذنب ارتكبته، إلا لأنها من جنس الإناث..
ومنذ أن نشرت "الوطن" خبر هذه الطفلة حتى تداولتها وسائل الإعلام، وأضحت لأيام متواصلة حديث المجتمع بين مؤيد ومعارض ومستغرب ومستهجن. ورَدّة الفعل هذه جاءت نتيجة لفعل قامت به مجرد طفلة..، كتب عنها أحد الكتاب العرب (لم تذكر اسمي الكاتبة: شربل بعيني) (طفلة سعودية تصفع حكام كرة القدم)، ومعلقا على ما حدث (إذا كان صوت تلك الطفلة وهي تشجع فريقها، سيثير غرائز الرجال، وجب علينا تثقيف الرجل، واستئصال غريزته الحيوانية العمياء من جذورها).
إن ما حدث يشير إلى مدى تدني المرأة في بنية التفكير الذكوري، وثبات الصورة السلبية في وجدان الرجل عندنا تجاه الجنس الآخر، لدرجة أنه فقد البصر والبصيرة، فلم يعد يميز بين الطفلة والمرأة، فقام بوضعهما في سلة واحدة.. يبدو أننا بحاجة إلى هيئة خاصة لحقوق الطفل.
الوطن السعودية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق