طفلة سعودية تصفع حكّام كرة القدم


شربل بعيني

صدقوا أو لا تصدّقوا.. فتاة سعودية لم تبلغ بعد ربيعها الثاني عشر، أثارت ضجة رياضية وشعبية واعلامية بسبب وجودها على مدرجات ملعب كرة القدم في منطقة الاحساء شرق المملكة، بغية مشاهدة المباراة بين فريقي النهضة والعروبة المتنافسين على كأس الأمير فيصل بن فهد.
فتاة، كالزهرة، كالملاك، أغضبت كل من حولها، لأن لا مكان لها في ذلك المكان، لا لشيء، إلا لأنها أنثى.. فتصوروا؟
حكم المباراة، الذي لا يفوته شيء، لا في الملعب ولا في المدرج، انتبه لوجود الفتاة بين جمهور المشجعين، فأبى أن يطلق صفارة البداية ما لم يطردوا هذا (الكابوس) المخيف، الذي اسمه (المرأة) وإن كانت طفلة، من المدرجات.. فاستدعى لذلك الحكم الرابع، وبدأت جلسة المشاورات المكوكية بينهما، إلى أن أقنعه أن وجود الفتاة لا يعنيهما كحكام مباراة، كونه ليس فنياً بل إداريا، وعلى ادارة الملعب واجب طرد (الكابوس) المخيف بأسرع وقت.
ورغم البلبلة والتأخير والتهويل، بقيت الفتاة لمدة 36 دقيقة متمسكة برباطة جأشها، تصفّق مع تصفيق الجمهور، وتهلل مع تهليله، إلى أن طفح الكيل مع مسؤولي الملعب، فطلبوا منها الخروج، فخرجت دون اعتراض.
وأعتقد أن تلك الطفلة المسكينة قد تعرّضت لثورة تأنيب داخلية، وراحت تتحادث مع صوت لا تعرف مصدره:
ـ لا تخافي يا ابنتي..
فأجابته وهي تلتفت نحو الملعب:
ـ وكيف أخاف من أناس يخافونني.. ألم ترهم كيف تجمّعوا وتكاتفوا من أجل حرماني من التلذذ بفنون لعبة كرة القدم؟
ـ رأيتهم.. رأيتهم.. لقد أرعبتهم..
ـ من أنت؟
ـ أنا واحد من أولئك.. ولكنك لا تخيفينني..
ـ إذا كنت، كأنثى، أخيف الرجال، وأنا ما زلت طفلة، فكم بالحري عندما أكبر؟
ـ سيأتي يوم تتبارين فيه أنت بهذه اللعبة.
ـ إلى أن يأتي ذلك اليوم، سأتخلى عن أنوثتي..
ـ تمسكي بها يا ابنتي، فأنت أجمل مخلوقات الله، بك الحياة ومنك..
ـ لم أفهم شيئاً..
ـ ستفهمين عندما تكبرين..
ـ إذا كانوا سيطردونني من مجتمعاتهم كالذبابة، لا أريد أن أكبر..
وأعتقد أيضاً، أن طفلتنا المسكينة، لو كانت تعلم بقوانينا المشوربة، لما أحبت كرة القدم، ولما عشقت الألعاب الرياضية، ولما دخلت المدرجات، ولما فتحت ذراعيها للشمس والظلمة تتربص بها.
إذا كان وجود هذه الطفلة على المدرجات الرياضية سيغيّر مجرى المباراة، وجب على الفريق الخاسر استبدال لاعبيه بلاعبين أفضل.
وإذا كان صوت تلك الطفلة وهي تشجع فريقها، سيثير غرائز الرجال، وجب علينا تثقيف الرجل، واستئصال غريزته الحيوانية العمياء من جذورها.
وإذا كان خوفنا على أخلاق الطفلة من الانحراف بسبب وجودها بين الرجال هو السبب في طردها، وجب علينا تثقيفها، وتهذيبها، وتعليمها، كي تصبح أهلاً للأمومة والتربية الصالحة.
رجل بعين واحدة لن يرى أفضل من رجل بعينين سليمتين، ومجتمع برجل واحدة لن يسير البتة، وسيكبو إثر كل نهوض إلى أن يتعب منه العالم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق