مسابح طوني سعد


شربل بعيني
من الطرائف التي لا أنساها هذه الطُّرفة التي فقعني إيّاها المذيع طوني سعد، والتي حدثت معه أيّام كان يلبس المريول المدرسي، ويحمل شنطة كتبه. قال:
قبيل عيد الفصح المجيد بأيّام، كان أحد الخوارنة يزور مدرسة (الفرير) في طرابلس للإستماع إلى اعترافات طلاّبها. وعندما جاء دور عبدك الحقير طوني، دخلت كرسي الإعتراف، وعرق الإيمان والتقوى يتصبّب من جبيني، وتمتمت بخشوع عفوي:
ـ اغفر لي يا أبتاه لأنني أخطأت..
ـ كم مرّ عليك من الوقت وأنت بدون اعتراف؟
ـ أسبوع واحد فقط..
ـ وهل فحصت ضميرك جيّداً يا بنيّ؟
ـ نعم يا أبانا..
ـ هل تكتب فرضك وتدرس درسك كل ليلة؟
ـ نعم يا أبانا..
ـ هل تطيع أمّك وأباك؟
ـ نعم يا أبانا..
ـ هل تسرق؟
ـ كلاّ يا أبانا..
ـ هل تكذب؟
ـ كلاّ يا أبانا..
ـ هل تسبّ الدين؟
ـ كلاّ يا أبانا..
ـ هل تضرب رفاقك؟
ـ كلاّ يا أبانا..
ـ هل تتلاعب هكذا أو هكذا؟
ـ كلاّ يا أبانا..
ـ هل تثرثر أثناء القدّاس؟
ـ كلاّ يا أبانا..
ـ هل تكره أحداً؟
ـ كلاّ يا أبانا..
ـ فإذن، عليك أن تصلّي ثلاث مسابح كي يغفر اللـه خطاياك..
فاحمر وجه طوني وهو يستمع إلى أوامر الكاهن، وراح يحسب على أصابعه مدّة صلاة كل مسبحة، فوجد أن حساب حقله لن ينطبق على حساب بيدر الكاهن، ولا على حساب طاحون مبتكر مسبحة الصلاة القديس عبد الأحد، فصاح كمن لسعته حيّة:
ـ كم مسبحة تريدني أن أصلّي؟
ـ ثلاث مسابح بالتمام والكمال..
ـ وهل أنا مجرم يا أبانا؟.. تلزمني ساعتان على الأقل حتّى أصليها.. أرجوك أن تخفّفها بعض الشيء..
ـ بلا حكي يا صبي.. قلت لك ثلاث مسابح.. يعني ثلاث مسابح..
ـ لن أصلّيها..
ـ وأنا لن أحلّك من خطاياك..
ـ لا توجد عندي خطايا حتّى تحلّني منها.
ـ صلِّها يا صبي..
ـ حلّ عنّي.. حلّ عنّي.. حلّ عنّي..
وبينما كانت يدا الصديق طوني سعد تلوّحان في الهواء، كنت أنا واقعاً على الأرض من شدّة الضحك، غير عابىء بتنبيهاته:
ـ انتبه يا شربل على ثيابك.. كي لا تتّسخ.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق